خرج الآلاف من سكان مدينة درعا في جنوب سورية في مظاهرات حاشدة تزامنت مع وصول الوفد الحكومي لتقديم العزاء في القتلى الأربعة الذين سقطوا برصاص قوات الأمن في مظاهرات يوم الجمعة الماضي ممّا أدى إلى تواصل الاحتجاجات وسقوط المزيد من القتلى والجرحى فيما اعتبرت الخارجية الأمريكية أن سوريا ليست محصنة ضد التغيرات التي تشهدها المنطقة. وسعت الحكومة السورية إلى تهدئة حالة السخط الشعبي بالإعلان صباح أمس عن عزمها الإفراج بصورة فورية عن خمسة عشر طفلا كانت السلطات اعتقلتهم في درعا بعد أن كتبوا على الجدران شعارات تطالب بالحرية. الإفراج عن الأطفال وأصدرت الحكومة السورية أمس بيانا أكدت فيه أنه سيتم الإفراج عن الأطفال المعتقلين بصورة فورية. وتواصلت الاحتجاجات أمس وأسفرت المواجهات مع قوات الأمن عن مقتل مظاهر على الأقل وجرح نحو مائة آخرين فيما قام المتظاهرون بحرق قصر العدالة في مدينة درعا ومقرات حزب البعث الحاكم. واندلعت احتجاجات عارمة على خلفية اعتقال الأطفال حيث خرج سكان درعا يوم الجمعة الماضي في مظاهرات للمطالبة بالإفراج عنهم، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة رشق فيها المتظاهرون قوات الشرطة بالحجارة، وأسفرت عن مقتل أربعة من المتظاهرين. وتجددت الاشتباكات أثناء تشييع جنازة القتلى حيث أطلقت قوات الامن السورية الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود وعزل الرئيس بشار الأسد محافظ «درعا» على خلفية الاحتجاجات. ومن جانبها أصدرت منظمات حقوقية سورية بيانا مشتركا أمس طالبت فيه السلطات السورية بفتح تحقيق فوري وشفاف في الأحداث التي وقعت في درعا وأسفرت عن سقوط القتلى الأربعة وتقديم المتورطين في تلك الاحداث إلى القضاء المختص . واستنكرت تلك المنظمات ما وصفته بالسلوك العنيف وغير المبرر الذي اتبعته السلطات السورية اثناء تصديها للتجمع الاحتجاجي السلمي في درعا ظهر الجمعة. وقال بيان المنظمات الحقوقية إن قوات الأمن السورية استخدمت القوة المفرطة ضد المحتجين، الأمر الذي أدى لسقوط أربعة قتلى وعشرات الجرحى، وهو ما تزامن مع منع وتفريق عديد من التجمعات السلمية في مختلف المدن السورية. ورأت المنظمات أن مسلك السلطات يتعارض مع «حق التجمع المدني السلمي المكفول بالمادة 39 من الدستور السوري النافذ، كما يتنافي مع تعهدات سابقة من الحكومة السورية بالحفاظ على حقوق الإنسان. وطالب البيان الحكومة السورية «باتخاذ كافة الإجراءات التي تكفل للمواطنين حقهم المشروع في التجمع السلمي والتعبير عن الرأي وعدم تقييد هذه الحقوق حتى في ظل حالة الطوارئ المعلنة». ونقلت وكالة رويترز عن شهود عيان ان حوالى 10 الاف شخص شاركوا في التشييع وهتفوا «الثورة، الثورة، انهضي يا حوران»، في اشارة الى سهل حوران الذي تعد مدينة درعا عاصمته الادارية. وكان المتظاهرون يشيعون جثمان وسام عياش ومحمود الجوابره اللذين قتلا في مظاهرات الجمعة في درعا، ومن بين هتافاتهم: «الله، سوريا، حريه. خائن من يقتل شعبه». سوريا قابلة للتغيير ونقلت صحيفة «الراي» الكويتية عن مصدر مسؤول، لم تسمه، في الخارجية الامريكية قوله: «ان سوريا قابلة للتغيير مثل باقي البلاد العربية لانها اضعف بكثير مما يتصوره البعض». وتابع المسؤول ، الذي سبق ان زار دمشق قائلا إن العالم «يشاهد اياماً مثيرة للاهتمام في سوريا». وقالت الصحيفة ان النظام السوري يتحرك في محاولة لتغيير الرأي السائد في واشنطن بضرورة تأييد اي تغيير ديمقراطي يقوم به الشعب السوري. وأشارت الصحيفة الى ان «اللوبي» الموالي للاسد لم يكتف بذلك، بل حرص على اظهار ان الفرصة مواتية لسلام سوري إسرائيلي، ومن المتوقع ان يزور فرد هوف، مسؤول المسار السوري في مكتب مبعوث السلام جورج ميتشيل، دمشق في الايام القليلة القادمة، وينتقل بعدها الى اسرائيل». ويذكر ان مصادر الادارة الامريكية اعتبرت ان الغضب الشعبي في سوريا هو ملك السوريين، وان الولاياتالمتحدة لا تملك اي وسائل للتأثير فيه لا سلبا ولا ايجابا، ما يجعل الحديث عن اتفاقات سورية اسرائيلية، او تحسين علاقات دمشق مع واشنطن، مواضيع هامشية بالنسبة للاحداث في شوارع سورية وشوارع المنطقة. وأشارت الصحيفة الى انه للمرة الاولى منذ زمن، خالف الرئيس باراك اوباما صديقه السناتور كيري الذي اكد ان فرصة سلام سوري اسرائيلي موائمة الان، وان على واشنطن مد اليد لدمشق. وقالت مصادر، لم تكشف عنها الصحيفة: «ان اوباما اختلف مع كيري للمرة الاولى حول الموضوع السوري وقال له ان الولاياتالمتحدة تخلت عن حلفاء واصدقاء لمصلحة الرغبة الشعبية في التغيير والديمقراطية في عواصم عربية اخرى، وهي لا تنوي ان تمد طوق نجاة للاسد لم تمده لزعماء غيره ممن ثار الشعب ضدهم».