بقلم المحاسب ومراقب الحسابات لسعد ولها (صفاقس) كثر الحديث في الفترة السابقة عن مشروع قانون المحاماة الجديد الذي يراد به تحيين قانون عدد 87 لسنة 1989 والمؤرخ في 7 سبتمبر 1989 والذي يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة ، وقد عبر الكثير من المهنيين عن استيائهم الكبير لما تضمنه هذا المشروع وخاصة الفصل الثاني منه من مساس بمكتسبات بعض المهن الحرة الأخرى. وللتعبير عن عدم رضاهم بمحتوى هذا القانون الجديد فقد اجتمع الكثير من أصحاب المهن الحرة في عديد المناسبات ونذكر على سبيل الذكر لا الحصر البيان الذي تمخض عن اجتماع أعضاء ممثلي المهن الحرة بتاريخ 09/03/2011 بصفاقس وهم الجمعية الوطنية لغرف عدول الإشهاد، غرفة عدول الإشهاد بصفاقس، المجلس الجهوي للخبراء المحاسبين بصفاقس والجنوب، مجمع المحاسبين بالبلاد التونسية، الغرفة الجهوية للوكلاء العقاريين بصفاقس، الغرفة الجهوية للمستشارين الجبائيين بسوسة، المستشارين الجبائيين بصفاقس, المؤتمنين والمصفّين العدليين، ومن بين ما ورد في هذا البيان نذكر أن أعضاء ممثلي المهن الحرة عبروا عن اتحاد وتضامن وتماسك وتكامل المهن سالفة الذكر ورفضهم لسن قانون منظم لمهنة المحاماة في ظل حكومة تصريف أعمال وغياب وانعدام المؤسّسات الدستورية واعتبر المجتمعون أن مشروع القانون له انعكاسات جد سلبية وعلى غاية من الخطورة على سائر مهنهم والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذا التحامل على مشروع قانون المحاماة الجديد ؟ للجواب على هذا السؤال يكفي ان نتطرق للفصل الثاني من مشروع قانون المحاماة الجديد . إذا قمنا بمقارنة بين الفصل الثاني من قانون عدد 87 لسنة 1989 والمؤرخ في 7 سبتمبر 1989 والذي يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة والفصل الثاني من مشروع القانون الجديد نجد أن الفصل الثاني لقانون 87 لسنة 1989 يحتوي على ما يلي: الفصل 2 المحامي ينوب الأشخاص والذوات المعنوية ويساعدهم ويدافع عنهم لدى جميع الهيئات القضائية والإدارية والتأديبية ويقدم الاستشارات القانونية. أما الفصل الثاني للقانون الجديد فانه يرمي الى توسيع مجال تدخل المحامي وفي بعض الأحيان يخصه دون غيره ببعض الأعمال ويحتوي هذا الفصل بالخصوص على ان المحامي يختص دون سواه بنيابة الأطراف على اختلاف طبيعتهم القانونية ومساعدتهم بالنصح والاستشارة وإتمام جميع الإجراءات في حقهم والدفاع عنهم لدى المحاكم وسائر الهيئات القضائية والإدارية والتأديبية والتعديلية وأمام الضابطة العدلية كما يختص دون غيره بتحرير العقود والاتفاقات المتعلقة بالأصول التجارية وبتحرير عقود تأسيس وأعمال الشركات والعقود والاتفاقات الناقلة للملكية العقارية ويمكنه القيام خاصة بالتدريس والتكوين وبمهام التحكيم والوساطة والمصالحة والائتمان والتصفية الرضائية وكذلك التعهد بعقود الوكالة وبأعمال التفاوض والتمثيل لدى المصالح الجبائية والإدارية. وكمحاسبين أعلنّا عن رفضنا لمحتوى الفصل الثاني من مشروع قانون المحاماة نظرا لأنه يقتحم مجال تدخل المحاسب ويقصيه من القيام ببعض الأعمال وقد دعا مجمع المحاسبين بالبلاد التونسية منخرطيه إلى اعتصام نفذناه يوم السبت الموافق ل19 مارس 2011 أمام مقر وزارة العدل بتونس وتم تسليم السيد وزير العدل بيانا استنكرنا فيه إقصاء المحاسبين وشددنا فيه على الإقرار بحقنا في مواصلة نشاطنا المتعلق بتحرير جميع عقود تأسيس وأعمال الشركات والعقود والاتفاقات ما لم يتعارض ذلك مع مجلة الحقوق العينية وأعربنا عن اعتزامنا تقديم مشروع تنقيحي للقانون عدد 16 لسنة 2002 والمنظم لمهنة المحاسبين . كما إنني أشيد بموقف بعض المحامين الذين رفضوا مشروع القانون سواء في صيغته الحالية أو لعدم مناسبة الظرف الحالي للبلاد لعرض مشروع قانون يخص قطاع معين خصوصا وان البلاد قادمة على انتخابات لتركيز مؤسسات شرعية . وأقول للجميع انه من حق المحامي وغيره من أصحاب المهن الحرة أن يبادروا بتنقيح القوانين المنظمة لمهنهم لكن لا يحق لأي مهنة أن تقتحم وتقصي في بعض الأحيان مجال تدخل الآخر فنحن في نفس المركب وإذا اقتضى الأمر فهناك ممثلون لكل مهنة حرة وجب مراجعتها والاستئناس برأيها. وختاما أريد أن أقول أن ألمي وحزني كبيران حين أرى أن البعض يريد استغلال الوضع الراهن للبلاد لتحقيق مصالح شخصية وما لذلك من مساس من مهنة نبيلة تقف إلى جانب المظلوم كمهنة المحاماة.