رئيس الجمهورية يتلقى دعوة من نظيره الصيني للمشاركة في منتدى التعاون الإفريقي الصيني    رئيسة ديوان وزيرة التجارة تدعو الى تفعيل مجلس رجال الأعمال المشترك التونسي الإيراني    سعر "الدوّارة" يصل 100 دينار بهذه الولاية!!    رسمي: تأجيل مباراة الاتحاد المنستيري والنادي الصفاقسي    2500 تذكرة مقابل 8000 مشجّع: السلطات التونسية تعمل على ترفيع عدد تذاكر جمهور الترجي في مصر    مجموعة تونس في التصفيات المؤهلة لمونديال 2026: خصم 6 نقاط من رصيد غينيا الاستوائية.    مليارا دينار عائدات السياحة.. بوادر موسم واعد    وائل شوشان يؤكد على ضرورة إرساء نموذج صناعي يعتمد على الطاقات النظيفة    صفاقس: الكشف عن شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة.    الحرس الديواني : رفع 5474 محضر بقيمة 179 مليون دينار    رئيس قسم الأعصاب بمستشفى الرازي يوجّه هذه النصائح للتونسيين    هل الولادة بتونس تمنح الأجانب الحق في الجنسية؟.. مختص في القانون يُجيب    نابل: يوم إعلامي حول التجربة المغربية في المقاومة البيولوجية للحشرة القرمزية بمزارع التين الشوكي    سجنان: حجز 5500 كغ من الحبوب وقرابة 1 طن من الفارينة    باجة : حجز 6 أطنان من السميد    سيدي بوزيد: 5450 مترشحا لامتحانات الباكالوريا بالولاية اغلبهم في شعبة الاداب    المنستير: انطلاق أوّل رحلة للحجيج من مطار المنستير الحبيب بورقيبة الدولي    تسع مدراس ابتدائية تشارك في الملتقى الجهوي للكورال بسيدي بوزيد    الهلال الأحمر التونسي يدعو وسائل الاعلام وعموم المواطنين الى التواصل فقط مع الجهات الرسمية في المنظمة    توافد 30 ألف سائح إلى تونس سنويا بهدف جراحة التجميل ..التفاصيل    العدل الدولية تبت في قضية وقف هجوم الاحتلال على غزة    شراكة جديدة بين الجامعات التونسية وجامعة "وايمونغ" الأمريكية    سفارة تونس بفرنسا تفند ما أوردته القناة الفرنسية « ال سي إي » حول وجود عناصر من « فاغنر »    الحماية المدنيّة: 12 حالة وفاة و 409 مصاب خلال ال 24 ساعة الفارطة    ميغيل كاردوزو: فخورون بالتأهل لنهائي دوري أبطال إفريقيا .. وهدفنا الآن الفوز باللقب    تونس تحتفل بيوم إفريقيا    جوهر بن مبارك يمثل اليوم أمام محكمة الاستئناف بتونس    جرحى في حادث اصطدام بين سيارة ودراجة نارية..    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يلاحق أمام الأهلي المصري في القاهرة نجمته الخامسة    دجوكوفيتش يتأهل لنصف نهائي بطولة جنيف للتنس    الرابطة الثانية: تعيينات حكام مواجهات الجولة العاشرة إيابا    حتى سيد السوشيل ميديا يحذر منها.. ماسك يكشف سراً خطيراً..#خبر_عاجل    المديرة العامة للإذاعة الوطنية : 60 ألف دينار معلوم كراء إذاعة الزيتونة    أبرز ما ورد في الصحف التونسية لليوم الجمعة 24 ماي 2024    مواقف مضيئة للصحابة ..في حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم    حُبّ أبي بكر للرّسول صلى الله عليه وسلم    الحماية المدنية : أكثر من 250 حريقا منذ بداية هذا الشهر    نادي المراسلين الاجانب بشمال افريقيا يعبر عن قلقه من انعدام الأمن الذي يسيطر على مهنة الصحافة في تونس..    الفنان محمد عبده في أحدث ظهور بعد إصابته بالسرطان: أنا طيب    طقس اليوم: رياح قوية بكافة السواحل والجنوب والحرارة تصل إلى 41 درجة    مقتل 100 شخص جرّاء انهيار أرضي في غينيا الجديدة    رفع 431 مخالفة اقتصادية وحجز 20 طنا من الشعير وكميات من المواد المدعمة بهذه الولاية..    اليوم : الترجي ينهي تحضيراته لمواجهة الأهلي    منبر الجمعة ..لا تقنطوا من رحمة الله    نتائج التحقيق الأولي في أسباب تحطم مروحي الرئيس الايراني الراحل ابراهيم رئيسي    محمد الشاذلي النيفر نشأته ومؤلفاته    المغرب: انهيار مبنى من 5 طوابق    تذمر حاد بين جنود احتياط الاحتلال من طول الخدمة في غزة    مفقود منذ يومين.. انتشال جثة شاب من وادي القراق بباجة    أستاذ الكوميديا الموسيقيّة محمد دريسي ل«الشروق»: كوميديا موسيقية عن «الدغباجي» ممكنة و«حنبعل» يتطلّب ميزانية كبيرة    انطلاق بث اذاعة الزيتونة من مقر الاذاعة الوطنية    أولا وأخيرا ..من باب النصيحة    جميلة غربال أرملة رشيد العيادي في ذمة الله    محمد رمضان يحيي حفل نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والترجي    تونس نحو إدراج تلقيح جديد للفتيات من سن 12    نقابة الصيادلة : إزدهار سوق المكملات الغذائية مع إقتراب الإمتحانات.. التفاصيل    اتفاقية تمويل بين تونس و الصندوق العربي للانماء الإقتصادي والاجتماعي بقيمة 10 مليون دينار كويتي    4 ألوان "تجذب" البعوض.. لا ترتديها في الصيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تزور عائلات ضحايا «الحرقان» في الوردية 1: 5 جثث على الحساب... في انتظار البقية
نشر في الشروق يوم 30 - 03 - 2011

نهاية تراجيدية عاشها أمس أهالي منطقة الوردية 1 بعد أن اكتوت قلوبهم بنار الانتظار القاتل لعودة أبنائهم منذ تاريخ انطلاق «رحلة الموت» التي نظمتها عصابة تنظيم رحلات «الحرقان»... نهاية وصفوها بالكارثة والصاعقة وذلك بعد تسلّمهما ل 5 جثث لأبنائها في انتظار ما ستكشف عنه الأيام أو بالأحرى الساعات القليلة القادمة من امكانية تطوّر عدد ضحايا هذه الرحلة المشؤومة التي خلفت جراحا لن تندمل ورسخت ذكرى لن تضمحل.
ولئن سبق وإن عبّر أهالي كل من الموتى والمفقودين في اتصال لهم ب «الشروق» عن رغبتهم في ايجاد فلذات أكبادهم ولو أمواتا ليتسنى لهم دفنهم والترحم عليهم فإن تيقّنهم من وفاة البعض زاد من ألمهم وحدّ من أملهم فامتزجت الفرحة بالحزن.
«الشروق» انتقلت الى منطقة الوردية 1 وبالتحديد الى حيث «المونوم» الذي ودّع 17 شابا دفعة واحدة ليحدد الموت مصير 5 منهم في انتظار ما سيحدّده المستقبل الذي نأمل ان يكون عاملا لبشرى خير لهم. فكانت البداية مع عائلة منذر العياري (39 سنة) والذي يعاني من اعاقة ذهنية لم تمنع «منظمي الحرقة» من حشره داخل «مركب الحرقان» الذي احتضن 46 نفرا لم ينج منهم سوى 4 أفراد بعد انقسامه في عرض البحر.
ولأن جثة منذر العياري هي أولى الجثث التي تسلّمها أهالي منطقة «المونوم» بالوردية 1 الى جانب جثة الهالك «سمير محمدي» أصيل ولاية الكاف والتي تم نقله الى مسقط رأسه فقد توافد كافة متساكني المنطقة وعلى رأسهم أهالي المفقودين على منزل والديه المسنين (منذر) علّهم يظفروا بإجابة من الفقيد عن عدّة استفهامات تخامر عقولهم وقلوبهم اليائسة حول حقيقة ما وقع في عباب البحر خاصة وأن الروايات باتت متضاربة ومختلفة تتناقلها الألسن من هنا وهناك، وتتناولها وسائل الاعلام بطرق مختلفة وبأساليب متنوعة أثارت استياء بعض من هؤلاء الأهالي الذين توجهوا الى جثة منذر بالأسئلة عن كل ما من شأنه ان يشفي غليلهم ويكشف المستور ويخفف من محنتهم. أما والدته السيدة زينة بن عثمان والتي التقيناها في حالة نفسية سيئة لغاية فقد كانت بين الحين والآخر تردّد العبارة ذاتها: «شووني يشويهم ربّي...» مضيفة أن هاجس «الحرقة» انتشر بين شباب الحي انتشار الوباء فأصاب الجميع خاصة أمام نجاح أعداد غفيرة في الوصول الى ايطاليا في مناسبات سابقة وهو ما شجع باقي الشباب على المجازفة بأرواحهم التي اشتراها هؤلاء «الحرّاقة» الذين لا يهمّهم سوى جمع المال دون الاكتراث بما قد يصيبهم وهو ما وقع مع أبنائنا.
وطالبت السيدة زينة شأنها شأن كافة المعزين لها بضرورة إيقاف «عصابة السوء» وتتبعهم عدليا جرّاء جرائمهم المتكرّرة خاصة وأن عمليات الحرقة مازالت متواصلة الى غاية اليوم رغم النكبة التي لحقت بعشرات العائلات.
أما والدة رياض الخولدي (1986) والتي التقيناها قبل اعلامها بنبإ العثور على جثة ابنها هي الاخرى ببضع ساعات فقد استبعدت تماما امكانية نجاة ابنها وكافة أصدقائه ممن اختفوا معا في عرض البحر وأكّدت أنها لا تنتظر سوى تسلم جثة ابنها وهو ما تحقق مساء أول أمس بعد ان تلقى زوجها مكالمة هاتفية تعلمه بذلك وبوجود جثتين أخريين تبين أنّهما لشقيقين من الحي نفسه الاول يدعى محمد الهادي حمروني (28 سنة) والثاني مصطفى حمروني (26 سنة) واللذين نزل خبر وفاتهما نزول الصاعقة على والدتهما السيدة زهرة التي بكتهما بكل حرقة مؤكدة أنها تحسّ بالذنب لأنها هي من أمّنت لهما ثمن «الحرقة» ولم تحسب أنها قد شجّعتهما بذلك على وفاتهما معا وهما الولدان الوحيدان لها فانقطع بذلك الأمل الذي عاشت على وقعه منذ أيام بعد أن جفت مقلتاها من النحيب والدموع.
ألم وأمل
نفس معالم الحزن والأسى ارتسم على وجوه كافة العائلات المنكوبة التي مازالت تنتظر مآل أبنائها ولم تعرف أتبارك لعائلات الأموات لتسلّمهم جثث أبنائهما ونهاية كابوس الانتظار أم أنها تعزيّهم لفقدانهم اياهم الى الأبد.
وبين خوفهم من «المجهول» وحيرتهم أمام مآل أبنائهم المفقودين امتزج الألم بالأمل في نفوس الأهالي الذين تحوّل أملهم في نجاة ابنائهم وعودتهم احياء الى أمل العثور على جثتهم التي نكلت أسماك البحر ببعضها.
هكذا وعلى صوت نحيب الأمّهات الملتاعة وعويلهن شيّعت أمس الوردية 1 جثامين أبنائها الابرار الى مثواهم الاخير وهم الذين قادتهم رغبتهم في التخلص من هاجس البطالة الذي لازمهم طويلا في بلدهم حالمين بمستقبل أفضل في «لمبيدوزا» فاتخذوا من «الحرقة» سبيلا الى ذلك ليحترقوا ويحرقوا معهم قلوب أهاليهم الذين مازال العديد منهم يموت في اليوم ألف مرّة خاصة أمام ورود معلومات غير مؤكّدة مفادها أن هناك من بين المفقودين يعيش في غيبوبة بأحد المستشفيات بايطاليا وهو ما حدّثنا عنه السيد جيلاني الدريدي والد المفقود خميس (23 سنة) الذي ورغم ايمانه الكبير بالقضاء والقدر إلا أنه في الوقت ذاته نفى احساسه بأن يكون فلذة كبده قد تعرّض لمكروه مؤكّدا أن المعلومات التي تتردد بين الحين والآخر زادت في تعميق مأساتهم فأصبحوا يعيشون تذبذبا وحيرة كبيرين وأضاف قائلا: «نريد حلا سريعا لهذه الأزمة التي أنهكت قوانا»، وهو ما أيّدته السيدة رتيبة والدة حاتم بوخريس (مفقود) الذي لم يتجاوز سن 17 سنة والتي شبهت المحنة التي أصابتهم بمثل شعبي قائلة: «كل نار تشعل في كانونها» مؤكّدة أنها لم تفقد بعد الأمل في ايجاد قرة عينها «مؤكدة أنها لم تفقد بعد الأمل في ايجاد «قرّة عينها» ولو جثة عبث بها البحر وحوته.
ضرورة المحاسبة
حاولنا رصد مواقف المتساكنين حول ما شهدته المنطقة فأجمعوا على ضرورة تتبع المسؤولين عن تنظيم هذه الرحلات تتبعا عدليا واصفين إيّاهم «بعصابة الموت» ومعاقبتهم أشد العقاب وهم اليوم يناشدون السلط المعنية بالتدخل السريع للتصدّي لهذه الرحلات اليومية غير الشرعية خاصة في ظل غياب رقابة مشدّدة على السواحل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.