مازال التردد والخوف السمتان الغالبتان على الأندية التونسية في ما يتعلق بالحضور الجماهيري في منافسات البطولة فبعض المباريات شهدت خروجا عن النص وحتى الرياضات الجماعية لم تسلم بدورها من الشغب مما فرض على وزارة الرياضة إصدار مذكرة عاجلة نهاية الاسبوع الماضي تدعو الى اجراء الانشطة الرياضية دون حضور الجمهور. الاندية رمت بالكرة في شباك وزارة الداخلية مؤكدة أنها غير قادرة على تأمين السير الطبيعي للمباريات كما ان الوقت لا يسمح بتكوين حراس الملاعب (les stadiers) لحفظ الامن في المدارج وهذا دون اعتبار التكلفة المادية المترتبة عن ذلك وفي خضم ذلك بقي موقف وزارة الداخلية غامضا بالنظر الى أننا لم نسمع الا ما قاله رؤساء الاندية عن هذا الموقف الذي يحدد بشكل أساسي عودة المنافسات الرياضية التي نسقها العادي اي بحضور المتفرجين. «الشروق» اتصلت بالناطق الرسمي لوزارة الداخلية الزميل ناجي الزعيري فأكد في البداية على ان الوزارة لم تعترض مطلقا على عودة الأنشطة الرياضية بالجمهور بل على العكس أعطت «الضوء الاخضر» لكي تستأنف المنافسات في ظروف عادية مع دعوة الاندية الى تحمل جزء من مسؤولية حفظ الامن في الملاعب وأضاف «أكدنا استعداد الامن للقيام بمهمته حول الملاعب الرياضية وبجانب مرابض السيارات وفي محيط ميدان اللعب لحماية اللاعبين والمسؤولين والحكام مع الالتزام بالتدخل في صورة حدوث اي شغب او تهديد للممتلكات والأشخاص على أن تتكفل الاندية بتوفير العدد الكافي من حراس الملاعب (les stadiers) لتأطير الاحباء في المدارج والتواصل مع الجمهور. بالنسبة لوزارة الداخلية هذا هو الموقف الرسمي الذي تم ابلاغه للمعنيين بالامر خلال الاجتماع الذي انعقد في بداية شهر مارس وقد أكدت الاطارات الامنية التي حضرت على أن أعوان الشرطة لن يكون بوسعهم مستقبلا حفظ الامن في المدارج وان هذه المسؤولية تقع مستقبلا على عاتق الاندية المطالبة بالتأقلم مع الظروف الراهنة وتهيئة نفسها للمشاركة في الاحاطة بجماهيرها. تكوين خاص لم تهضم الاندية الكبرى خصوصا الفكرة التي تشدد على تحمل مسؤولية حفظ الامن في المدارج، وقد جادل بعض المسؤولين بالقول بأن حراس الملاعب الذين سيدفع بهم لتولي هذه المهمة لا يملكون الخبرة الكافية للتعامل مع الجمهور الرياضي ويبدو هذا الاعتراف مقبولا منطقيا لكن الناطق الرسمي لوزارة الداخلية أشار الى معطى لم يذكره رؤساء الأندية في تعليقهم على ما جد في اجتماع مارس الحالي حيث قال: «لقد أبلغنا المشاركين في الاجتماع باستعداد الوزارة لتنظيم دورات تكوينية سريعة لحراس الملاعب الذين ستختارهم الاندية لتلقينهم طرق التعامل مع الانماط المختلفة من الاحباء وكيفية التدخل... أكثر من ذلك لقد عبرنا عن استعدادنا لتوفير أزياء خاصة ومميزة تحمل عبارة (les stadiers) مساهمة في تشجيع الاندية على خوض التجربة التي يتوقف نجاحها في الواقع على توفر الارادة وعلى والدّربة والمثابرة وتعويد الناس على التفاعل الايجابي مع هذا المكوّن الجديد للعبة الرياضية وعلى العموم يجب ان يعلم الجميع أن العنف في الملاعب لا يتعلق بوجود الامن من عدمه في المباريات الرياضية فالعنف ناجم عن عدة أسباب اجتماعية ونفسية وغيرها ولم يكن موجها ضد أعوان الشرطة بصفة شخصية». موسم صامت الثابت أننا مقبلون عاجلا أم آجلا على خوض غمار تجربة حفظ الامن من قبل الاندية توافقا مع هذه المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد وسواء اكتمل الموسم الحالي بحضور الجمهور او بدونه فإن لرؤساء الاندية الحق في وضع الاصبع على نقطة جوهرية تتعلق بالمسؤولية الجزائية عن الأضرار الناتجة عن أحداث الشغب في الملاعب فرؤساء الاندية يرفضون المساءلة وهذا ما يبرر في الواقع سعي عدد كبير منهم الى مغادرة مناصبهم وعدم الترشح لقيادة أنديتهم في المرحلة المقبلة ولا شك في أن وزارة الرياضة مطالبة بالبحث مع الوزارات المعنية في توضيح هذه النقطة القانونية لطمأنة رؤساء الاندية لأن تواصل الوضع الحالي قد يعني استمرار النشاط الرياضي بلا جمهور وتهرّب الشخصيات الرياضية ورجال الاعمال من القيام بدورهم في قيادة الأندية وهو مأزق خطير فعلا بالنظر الى أن الجمعيات الرياضية مؤسسات تربوية واقتصادية تؤثر في الحياة اليومية لآلاف الاشخاص.