هل خلت من أهلها الملاعب الكروية فعلا حتى أن البعض من حيث يدركون أو لا يدركون قالوا «الرياضة راضت» واستراحت الملاعب من الغزوات فيما نحى بعضهم منحى الاعتقاد في أن جماهير الملاعب في غياب المنافسات الكروية تحولت الى ملاعب الأحزاب خاصة وأن عدد هذه الأحزاب قد تجاوز عدد الفرق الكروية القدمية برابطتيها الوطنيتين الأولى والثانية، وكلها تلعب اليوم في الشارع وفي نقل مباشر عبر الفضائيات الوطنية والخارجية وعبر شتى وسائل الاعلام من القول المحبوك الى ال«فايس بوك»، أي أنها قرّبت الملاعب من الجماهير في لعب مفتوح بدون حواجز ولا تذاكر. ولا مواعيد ولا أشواط ولا حكّام ميدان ولا مراقبي خطوط لا يمكن تجاوزها حتى وإن كانت حمراء قانية. الكل يلهث وراء استجداء الجماهير وحشد الأحباء والمتعاطفين ما استطاع إليه سبيلا وبشتى الطرق والوسائل بدون لجان تأطير ولا لجان أحباء ولا لجان حكماء والسؤال الذي يرفض الانخراط في اللعب والألاعيب كروية كانت أم سياسية هو ما هي أوجه الشبه حاليا بالذات بين فرقنا الكروية والأحزاب السياسية حتى تتحول جماهير الملاعب الكروية الى الملاعب السياسية الحزبية؟ أليس في هذه الأحزاب أحزاب كبرى وأخرى صغرى تماما كالفرق الكروية لدى عموم الناس؟ حتى أن الوزير الأول المؤقت قال: «إن بعض الأحزاب ليس في استطاعتها أن تملأ بعناصرها حافلة»؟ أ ليس في فرقنا الكروية فرق غير قادرة على أن تسدد معلوم كراء حافلة؟ ثم أليس هناك من الفرق من يلعب على البطولة وأخرى تلعب على السقوط؟ ألا توجد هذه الظاهرة في أحزابنا اليوم بيت القصيد في كل هذا ألا يجوز السؤال عمّا إذا كانت هذه التشابهات تقتضي تنظيما لهذه الأحزاب كتنظيم الفرق الكروية على الأقل بإحداث رابطتين وطنيتين رابطة للأحزاب المحترفة وأخرى للأحزاب الهاوية وجامعة حزبية وطنية تعطي لكل ذي حجم حجمه بكل المقاييس الوطنية؟ أم أن الشعب وحده يوم الانتخاب سيسقط الأحزاب التي تلعب على السقوط بكل مفاهيمه الوطنية الصرفة؟ أم أن كثرة هذه الأحزاب وحدها كفيلة بالاختيار وعلى أوسع نطاق بانتخاب الفريق الوطني السياسي القادر على رفع راية الوطن عاليا في المحافل الوطنية الحرّة؟ الصفحة الجديدة من سجل تاريخ تونس وحدها ستقرأ فيها جواب اليقين والى أبد الآبدين.