إثر التوترات والاعتصامات التي شهدتها مدينة العلوم بتونس في الآونة الأخيرة تقرر بالتشاور مع سلطة الاشراف غلق المؤسسة لفترة معينة حتى تتمكن كل الأطراف من الجلوس الى طاولة الحوار وحل كل الإشكاليات القائمة حسب ما أفادنا به السيد حسان الطاهري الملحق الاعلامي لمدينة العلوم. وكانت المدينة عاشت منذ أكثر من أسبوع توترا شديدا على خلفية التصادم بين الأعوان ونقابتهم الأساسية من جهة وادارة المدينة ممثلة في المديرة العامة الجديدة ريم الهمندي عياد من جهة ثانية. الاجتماعات المتكررة بين الادارة والنقابة لم تفلح الى حد الآن في تهدئة الخواطر واعادة النشاط المعتاد لمدينة العلوم التي أصبحت مشلولة بسبب إصرار الأعوان والموظفين على مطالبهم ورغبة المديرة العامة في أخذ المزيد من الوقت لدراسة كل الملفات والمطالب اعتبارا الى أن المديرة تسلمت مهامها بالمدينة حديثا فضلا عن شغور منصب الكاتب العام ومدير الشؤون الإدارية والمالية والمدير العام في انتظار تعيين إطارات جديدة في هذه المسؤوليات عوضا عن المسؤولين القدامى. مواقف متباينة ولتوضيح خفايا ما يحدث بمدينة العلوم التي تضم أكثر من 250 عونا كان ل«الشروق» لقاء مع السيد فتحي مزاح الكاتب العام للنقابة الأساسية بمدينة العلوم والسيد حسان الطاهري الملحق الاعلامي للمدينة الذي وافانا مشكورا برد مفصل عن الوضع بمدينة العلوم ممضى من طرف السيدة ريم الهمندي عياد المديرة العامة للمدينة. وفي هذا السياق أكد السيد فتحي مزاح أن مطالب الأعوان ليست ذات مردودية مالية بل تتعلق أساسا بما أسماه الحفاظ على كرامة الأعوان مشيرا الى أن اتفاقا سابقا تم إمضاؤه مع المدير القديم بعد سلسلة من التحركات النقابية والاجتماعية لترتيب البيت الداخلي للمدينة وحل جميع الاشكاليات القائمة لكن توقف كل شيء بعد تغيير المدير وقدوم المديرة الجديدة التي طلبت تمكينها من الوقت الكافي لمعرفة المدينة وإعداد نفسها للتجاوب مع مطالب العمال والأعوان ومرت الأيام وأمضي أول محضر جلسة مع الادارة الجديدة في 25 فيفري2011 واتفق الطرفان النقابي والإداري على جميع النقاط لكن يبدو أن رواسب العهد البائد ظلت جاثمة على الصدور لاسيما وأن بعض الأطراف لم تكن راضية على التحركات التي كانت تقوم بها النقابة لتلبية مطالب ورغبات الأعوان والموظفين، ويضيف السيد فتحي مزاح أن النقابة أقنعت العمال بإعطاء الإدارة المزيد من الوقت لعل الأمور تعود الى نصابها، وتتجاوب مع رغبات وطموحات الأعوان لكن حدث العكس تماما حيث اتخذت الإدارة العديد من القرارات التي تضر بمصلحة الأعوان مثل النقل الاعتباطية والعقوبات فضلا عن الاتهامات بالسرقة دون إثبات ونتج عن ذلك توتّر في العلاقة بين الإدارة والأعوان الى درجة انعدام شروط الحوار بعد التعدي الواضح على الحق النقابي وبدأ البعض يفكر في دعوة المديرة للرحيل تحت شعار«dégage» الشهير ومما زاد في تعقيد الوضع كما قال محدثنا الإجراء العقابي الذي اتخذته الادارة ضد كاهية مدير بالمدينة لأنه شارك في الاعتصام وساند العمال والنقابة. لائحة عامة ويذكر أن النقابة الأساسية للمدينة كانت قد أصدرت لائحة عامة اثر اجتماع عقدته يوم الخميس 14 أفريل الجاري أكدت فيها أنها لا ترمي الى شل حركة المؤسسة وانما الى تنقية المناخ المتوتر داخل المؤسسة ووضع حد لممارسات إدارية نعتتها بالبائدة لم تعد تتماشى مع تونس الحرة وطالبت النقابة في هذه اللائحة بانجاز كل النقاط العالقة بمحضر الجلسة الصلحية المبرم يوم 8 فيفري 2010 ومحضر الجلسة المبرم يوم 25 فيفري 2011 وايجاد حلول للمسائل التي تتطلب المراجعة والتشاور قبل موفى شهر افريل 2011 اضافة الى مطالب أخرى نذكر منها: إلغاء مذكرة العمل التي تمس بكرامة الأعوان وخاصة منها التي تمنح لأعوان الحراسة تفتيش أعوان المدينة. تعميم الانترنيت على جميع الأعوان دون حجب أو تفريق. إعادة النظر في قرارات النقل. إيقاف سياسة التجميد التي مورست تجاه أعوان مراقبة التصرف واحترام الهيكل التنظيمي للمؤسسة. محاسبة كل من يقدح أو يتعسف أو يهدد أو يتهم أي عون من المدينة دون موجب حق أو مبرر. موقف الادارة أما السيد حسان الطاهري الملحق الاعلامي للمدينة فقد أكّد لنا ان المديرة عقدت جلسة مطولة مع النقابة ووعدت بالنظر في جميع المطالب. وفي ردها على لائحة الاجتماع العام الصادر عن النقابة أشارت المديرة العامة للمدينة الى حرص ادارة المدينة على الحوار مع كل أبناء المؤسسة دون استثناء. كما أنها تحاورت يوم الخميس 14 أفريل 2011 لمدة 3 ساعات مع النقابة الاساسية. وبالنسبة الى مطالب المعتصمين كشفت الادارة أن اتفاقا نقابيا في طور الانجاز حول الترقيات حسب الرزنامة المتفق عليها. أما بالنسبة الى الصندوق الاجتماعي فقد تقدمت الادارة بمقترح في نوفمبر 2010 ولم تتلق الى حد الآن رأي النقابة فيه. وفي ما يتعلق بمذكرة العمل التي أثارت جدلا واسعا والتي تتيح لأعوان الحراسة تفتيش الاعوان عند مغادرتهم العمل لاحظت ادارة مدينة العلوم أن هذا الاجراء معمول به في كل المؤسسات التي تشغل عددا كبيرا من المواطنين. كما أن القرار يهدف الى حماية ممتلكات المؤسسة وحماية لكرامة الأعوان من التهم الباطلة. وفي ما يخص النقل أكدت الادارة أن النقل تبقى من مشمولات الادارة العامة ولا مجال لمناقشتها مع النقابة وتؤكد الادارة أيضا أن القرارات التي شملت بعض اعوان مراقبة التصرف تأتي لتنقية الاجواء بين بعض أعوان هذه المصلحة بعد المشاكل التي تفاقمت بينهم. وشددت الادارة أنها حريصة على اتخاذ الاجراءات القانونية تجاه كل من يرتكب تصرفات غير مسؤولة ومحاسبة كل من يقوم بالتهديد او التعسف او القدح تجاه الأعوان. وتهيب الادارة العامة للمدينة في ختام ردها بكافة الأعوان الى الالتفاف حول مؤسستهم داعية إياهم الى تكثيف الجهود خلال هذه المرحلة الانتقالية والحساسة للنهوض بالمؤسسة على كل المستويات. ومن أجل تجاوز كل هذه الاشكاليات طلب المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بتونس من المتفقد العام للشغل والمصالحة بعقد جلسة عمل عاجلة مع الادارة العامة لمدينة العلوم،وذلك للنظر في الوضع الاجتماعي المتوتر بالمؤسسة.