تونس «الشروق»: تواصل الجزء الثاني من الكشف عن زيف ما ادعاه عماد الطرابلسي في الرسالة التي وجهها عبر محاميه الاستاذ وسام السعيدي والتي حصلت «الشروق» على نسخة منها، اذ تبين أن ما قاله في خصوص مشروع «بريكوراما» لم يكن مطابقا للواقع ولكن لم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه لتصبح قضية عماد الطرابلسي وأحد شركائه قضية دولة، تتدخل فيها الأجهزة لتصفية الخصم. يوم الخميس 22 أكتوبر 2009 كان فوزي المهبولي متجها بسيارته عبر احد الطرق الوطنية الفرنسية، فلحقت به سيارة سوداء اللون ثم تجاوزته والتفت منها شخص مجهول ثم أطلق عليه النار من بندقية قنص، فأصابت الرصاصة احدى النوافذ ونجا بأعجوبة. كانت الرسالة من عماد الطرابلسي الى فوزي المهبولي واضحة ومضمونة الوصول. الا أن الأمر لم ينته عند هذا الحد. التفاف عماد الطرابلسي على شريكيه الأولين مهدي بن عياد وفوزي المهبولي واقصائه لبن عياد، جعلته في موضع الأقوى خاصة أنه المدعوم من القصر حيث ليلى الطرابلسي التي يقال انها عمته (وفي روايات أخرى يقال إنها أمه). استطاع عماد الطرابلسي الضغط على المهبولي الذي تراجعت أسهمه الى ثلاثين في المائة فقط. أدرك الطرابلسي أنه الأقوى سياسيا و«مافياويا» فضغط على شريكه حتى يتحول الى أجير عنده وأن يمسك له مؤسسات «ماد بزنس هولدينغ آس أ» «Med Business Holding SA» التي تضم مجموعة ضخمة من الشركات التابعة له، وكلفه بادارتها لقاء عشرة آلاف دينار في الشهر، ثم ضيق له في أسهمه لتبلغ 5 بالمائة فقط، قبل ان يقرر التخلص منه نهائيا، بعد حادثة اعتداء سائح على عامل بنزل اذ انتصر المهبولي للعامل ضد السائح، عندها قرر عماد الطرابلسي اقصاء المهبولي والاستئثار بكامل المشروع لفائدته الشخصية، وبدأ يضغط عليه لاقصائه نهائيا. أدرك المهبولي أن الخطر بدأ يداهمه وعائلته لذلك قرر مغادرة البلاد، وفعلا سافر في اتجاه فرنسا، حيث طلب اللجوء السياسي وأقام بها. وانطلق منذ سنة 2007 باستعمال الشبكة الاجتماعية الفايس بوك للتشهير بعمليات الفساد المالي في تونس ثم طور في الخطاب والتقى مع مجموعة أخرى وبدأوا بفضح الفساد السياسي لنظام بن علي وعائلته وزوجته ليلى الطرابلسي وعائلتها والمقربين منهم وكشف عن العديد من الحقائق وبلغ به الأمر الى التعرف على أحد الأشخاص الذين لهم اطلاع على حركة الطيران ليتعرفوا على احداثيات طائرة بن علي عند سفره. وقد تحولت قضية المهبولي ومن معه من مجابهة مالية مع أحد رموز الفساد المدعو عماد الطرابلسي وعصابته الى قضية دولة اذ أصبح رأس المهبولي مطلوبا من بن علي ونظامه وأصبحت قضية المهبولي قضية الدولة التونسية، وصدر القرار السياسي بتصفيته جسديا. لذلك حاولوا في أكثر من مناسبة عبر عملاء للنظام في فرنسا استدراجه الى أماكن معينة لتنفيذ حكم الاغتيال لكنه كان في كل مرة يفلت من بين أيديهم وكلفوا بعض الأشخاص بتشويهه عبر شبكة الانترنات، وقد تم الكشف عن أن أحد من كانوا يكتبون المقالات عمل في جهاز المخابرات لفائدة بن علي وهو على صلة به. من بين ما توخاه نظام بن علي لتصفية بعض الخصوم الذين من بينهم فوزي المهبولي، هو استعمال الترهيب والترغيب. عماد الطرابلسي بعث برسالة الى المهبولي قال له فيها «ان والدتك مريضة، ومن المؤسف أن لا تحضر جنازتها» وبعث له برسالة أخرى ورد فيها «أنت لا تساوي شيئا لقتلك لأنك أصلا ميت، لذلك فإن ضرب الجثث هو حرام». ومن جهة أخرى تم ارسال ابن أحد المسؤولين الأمنيين المعروفين سابقا وعرض على المهبولي مبلغ 300 ألف أورو وقال له لقد «ازعجت الرئيس وزوجته، فما دخلهما، ان معركتك الأصلية ضد عماد الطرابلسي وليست ضدهما». وقد سألنا السيد فوزي المهبولي أثناء تحقيقنا في قضية «بريكوراما» عن الموضوع فقال «ان معركتي الحقيقية ليست ضد عماد الطرابلسي، بل هي ضد نظام سياسي جاثم على صدور التونسيين.». وبالفعل، حسب ما قال المهبولي، فإن المعركة ضد النظام تجلت بشكل أكثر وضوح أثناء كل فترة انتخابات لذلك اتجه نظام بن علي عبر بعض مرتزقته الى رفع قضايا عدلية ضد رجل الأعمال التونسي الحاصل على اللجوء السياسي في فرنسا فوزي المهبولي وتمكن من استصدار بطاقة جلب دولية من الانتربول. الا أن تاريخ 14 جانفي 2011 وهرب بن علي من تونس بعد ثورة الحرية والكرامة وتمكن عدد من التونسيين الذين كانوا يعانون المنفى من العودة الى بلدهم ومن بينهم رجل الأعمال المهبولي الذي قام بتسوية وضعيته القانونية اذ قام بتكليف محاميين، وهو الآن بصدد القيام بكل الاجراءات القانونية لاسترجاع حقوقه في مشاريعه التي افتكها منه عماد الطرابلسي وقال انه سيسترجع حقوقه عبر القضاء ووفقا للقانون.