وأنت في طريقك الى رمادة يتكرر أمامك نفس المشهد..سيارات وشاحنات محمّلة بالأغطية والحقائب تطوي الارض طيّا لتصل آمنة الى أقرب مدينة تونسية. الليبيون القاطنون بالمناطق الغربية المتاخمة للحدود التونسية نالوت والجبل الغربي والوادي وزنتان يفرّون بالآلاف من جحيم الحرب، حرب لم تستثن أهالينا المقيمين بالذهيبة الذين تعوّدوا على سماع دويّ الرصاص يوميا بل نالهم من قصف الصواريخ بعض ما أغدق به عليهم مرتزقة القذافي من صواريخ ڤراد التي مازالت آثارها الى اليوم محفورة على الارض على بعد 500 متر من أقرب منزل تونسي. الناس هنا في الذهيبة صاروا يقيسون الوقت مع اطلاق الرصاص من الجهة الاخرى للحدود والذي ينطلق يوميا من الساعة الثامنة صباحا ليتواصل الى حدود الساعة الحادية عشرة تهدأ بعدها الامور ليعود سماع دويّ القصف ليلا. هذا هو حال الذهيبة بعد ان سيطر الثوار على المعبر من الجهة الاخرى للحدود. كرّ وفرّ بين كتائب القذافي والثوار للسيطرة على الحدود الغربية وكل شبر هنا يحسب بقطرات الدم التي سالت من اجل افتكاكه. انشقاق الحوامد والرويس الى ذلك انشقت قبائل الحوامد والرويس عن القذافي بعد ان كانت تمثل درعا يحمي كتائبه من هجمات الثوار. هذه القبائل دخلت الى تونس عبر نقطة العبور بالذهيبة مصحوبة بقطعان الأغنام. والحقيقة ان الآلاف من اللاجئين الذين تدفقوا على مدينتي الذهيبة ورمادة أين نُصبت لهم آلاف الخيام مع ان أغلبهم فضّلوا الاقامة عند العائلات التي آوتهم بكل رحابة صدر. على ان المئات من الرجال والنساء والأطفال مازالوا عالقين في الكهوف بعد ان حاصرتهم كتائب القذافي ومنعتهم من اجتياز الحدود. هذا الوضع المأساوي لم يمنع الثوار من الترديد بصوت واحد: البوعزيزي أسقط بن علي والعزيزية ستسقط القذافي في تحدي الى قرب سقوط قلعة العزيزية بطرابلس العاصمة على يد الثوار. من مبعوثنا الحبيب الميساوي من الذهيبة