يعترف نبيل الكوكي في هذا الحوار أن النادي الصفاقسي شكّل محطة مفصلية في مشواره التدريبي ذلك أن الإشراف على حظوظ فريق بحجم وتاريخ الأبيض والأسود وضعه في صفوف المدربين «الكبار» وهو الذي طالما رفض السير خلف الآخرين حتى وإن اضطرته الأقدار سابقا إلى الاكتفاء بخطة المدرب المساعد. لم يكن اختيار هيئة النادي الصفاقسي على شخص المدرب نبيل الكوكي قرارا ارتجاليا أي أن يصيب الرجل فتحتفظ بخدماته أو أن يخيب فتقدم على إقالته وإنما كانت مقتنعة بكفاءة هذا المدرب الذي خاض عدة تجارب تدريبية ناجحة فقد ساهم بقسط وافر في تتويج فريق «باب الجديد» ببطولة تونس خلال موسم 20072008 عندما كان مدربا مساعدا للجزائري عبد الحق بن شيخة هذا فضلا عن لقب شمال إفريقيا كما درب الكوكي النجم الرياضي الرادسي وسبورتينغ بن عروس وجمعية مقرين واستفاد كثيرا من الخبرة التي اكتسبها كلاعب في صفوف الأولمبي الباجي (19901997) وأيضا بألوان النادي الإفريقي (19972001) والمنتخب الوطني... «الشروق» حاورت الكوكي الذي كشف عن طموحات النادي الصفاقسي في سباق البطولة ويؤكد أن الدفع بمجموعة كبيرة من الشبان في الفريق الأول شهادة نجاح أخرى تحسب لفريق عاصمة الجنوب... كيف تقيم نتائج النادي الصفاقسي خلال الآونة الأخيرة؟ فريقنا ينفرد حاليا بالمرتبة الثالثة عن جدارة بعد أن تمكّن من حصد عشر نقاط من جملة 12 نقطة ممكنة خلال المقابلات الأربع الماضية والحمد لله أننا استطعنا التغلّب على بعض الصعوبات التي اعترضتنا جرّاء الإصابات والغيابات والعقوبات التي شملت عدة لاعبين. لكن هل من بصمة واضحة لك بخصوص طريقة الأداء؟ شخصيا أعمل على استعادة النادي الصفاقسي لهويته المتعارف عليه والمتمثلة في ذلك الأسلوب المميز الذي يرتكز جانب كبير منه على الفرجة والذي سيكون مرفوقا بالنتائج الإيجابية لذلك نلاحظ حاليا أن الفريق نجح في خلق العديد من الفرص السانحة للتسجيل خلال المقابلات التي خاضها وبرهن النادي الصفاقسي على نجاعته الهجومية (19 هدفا) ويحتل فريقنا المرتبة الأولى على مستوى الدفاع (12 هدفا فحسب) وذلك لم يتحقق بمحض الصدفة وإنّما كنتيجة طبيعية ومنطقية للروح الانتصارية التي ميّزت لاعبي الفريق وقدرتهم الفائقة على المداومة والتركيز التام أثناء المقابلات وأكبر دليل على ذلك مباراتنا أمام الأولمبي الباجي حيث أكملنا تلك المواجهة الكروية بتسعة لاعبين كان أحدهم مصابا وكوّنا أيضا مجموعة كبيرة من اللاعبين القادرين على إنجاح مشوار النادي مستقبلا وقد تجاوز عددهم حاليا 22 لاعبا. راهنتم أيضا على الزج بمجموعة من اللاعبين الشبان في التشكيلة الأساسية للنادي بالرغم من أن ترتيبكم الحالي يفترض توفر عنصر الخبرة فهل من تفسير واضح لنجاحكم في اتخاذ مثل هذه الخطوة؟ الإطار الفني للفريق كان حريصا على التواصل الدائم مع الأصناف الشابة للنادي وكنا على اقتناع تام بالإمكانات الفنية التي بحوزة شبان النادي الصفاقسي وهو ما أثبتوه خلال المقابلات الماضية على غرار محمد علي منصر وربيع الورغمي وغازي شلوف... وغيرهم هذا فضلا عن ثلة أخرى من اللاعبين الصاعدين الذين سيكتشفهم الشارع الرياضي في القريب العاجل وهو ما يجعلني أعبر عن ارتياحي تجاه المستقبل الباهر الذي ينتظر شبان النادي. احتلالكم المركز الثالث إلى حدّ الآن قد يجعل جماهير الفريق تحلم بالظفر بالمرتبة الثانية المؤهلة للمشاركة في رابطة الأبطال الإفريقية أو حتى المراهنة على لقب البطولة... فهل ستقوم بتبني هذه الطموحات الكبيرة؟ أريد أن أؤكد في بداية الأمر على أن الاتفاق الحاصل بيني وبين الهيئة المديرة للفريق عندما اتفقت معها على تدريب النادي كان ينص على إنهاء الموسم الرياضي الحالي في المرتبة الثالثة وهو ما نجحنا في تحقيقه إلى حدود الجولة الماضية ولكن مع ذلك لن نمانع في الارتقاء بطموحاتنا إلى المراهنة على المرتبة الثانية أما بشأن المنافسة على البطولة فأعتقد أن فريقنا مازال معنيا باللقب حسابيا على الأقل ولكن مع ذلك أصر على التمسّك بالواقعية. من المؤكد أن هيئة النادي الصفاقسي تبقى حلقة مهمة في نجاح الفريق خلال هذا الموسم، أليس كذلك؟ طبعا فالهيئة المديرة للنادي الصفاقسي عملت على توفير جميع ممهدات النجاح على غرار التربصات المغلقة والمقابلات الودية... وتمكنت من التغلب على الصعوبات المالية التي انجزت عن الظرف الاستثنائي الذي تعيشه بلادنا طيلة الأشهر الماضية. وماذا تقول عن جمهور النادي الرياضي الصفاقسي؟ شخصيا أشعر بالفخر لأنني درّبت فريقا كبيرا مثل النادي الرياضي الصفاقسي ليس لما يتمتع به الفريق من أمجاد فحسب وإنما كذلك قياسا بجماهيره الغفيرة التي عادة ما تقوم بدور كبير في مساندة فريقها ويتميز جمهور النادي الصفاقسي عن بقية الجماهير الرياضية الأخرى بعشقه الكبير لناديه كما أنه جمهور «ذوّاق» ووجدت ترحابا كبيرا من قبل أهالي صفاقس الطيبين لذلك أتمنى اليوم أن تتم مراجعة قرار حرمان الجماهير من حضور المقابلات الرسمية فنحن في حاجة ماسة إلى مساندة جمهورنا. بالإضافة إلى الجمهور، ما هي حاجات النادي على مستوى الزاد البشري؟ سنحاول تدعيم الفريق بمهاجم إضافي وكذلك بمتوسط ميدان من الطراز الرفيع. وكيف تقيم مردود اللاعبين المنتدبين؟ أظن أن الانتدابات التي قمنا بها تحتاج إلى بعض الوقت فحسب فالمهاجم ماهر الحدّاد يتمتع بإمكانات جيدة شأنه في ذلك شأن الظاهري والزغلامي وبوشنيبة و«أبوكو» ولا ننسى أن الفريق يمر بفترة انتقالية. بكل صراحة هل أن النادي الصفاقسي يواجه إشكالا على مستوى انضباط بعض اللاعبين؟ أعتقد أن العلاقة القائمة بين الإطار الفني للفريق واللاعبين يسودها الاحترام المتبادل وهو ما انعكس إيجابا على أداء اللاعبين فوق الميدان ولكن حالات عدم الانضباط كانت خارجة عن نطاق الفريق على غرار تأخر التحاق أحد اللاعبين الأجانب بصفوف النادي في الوقت المحدد أو كذلك التعرض إلى الإقصاء وهي مناسبة لأؤكد أن النادي الرياضي الصفاقسي يبقى مدرسة أخلاقية ومن هذا المنطلق فإننا نضع الانضباط فوق كل الاعتبارات. ألا تعتقد أن شخصيتك القوية التي تميّزت بها منذ أن كنت لاعبا ساعدت كثيرا على مستوى فرض الانضباط؟ الشخصية القوية لم أكتسبها وإنما أعتبرها فطرية وقد منحتني هذه الصفة القدرة الفائقة على الإقناع لأنني أظن أن اللاعب ليس بإمكانه أن يقدم على تطبيق خطة تكتيكية معينة دون أن يكون مدربه قد نجح في إقناعه بها ولكن مع ذلك فإنني أرفض أن أكون مدربا صلبا أو أشبه ب«الجنرال» بل أسعى إلى أن أضطلع بدور الأخ أو الصديق لكل اللاعبين... حالفك النجاح مع النادي الإفريقي وأثبت كذلك جدارتك مع النادي الصفاقسي فهل يمكن أن نضعك اليوم في خانة المدربين «الكبار»؟ لقد اكتسبت خبرة واضحة إلى حد الآن ولم يكن من السهل تدريب فريق بحجم النادي الرياضي الصفاقسي الذي يزخر بلاعبين يتمتعون بإمكانات كبيرة لذلك أعتقد أن ثقتي بنفسي تجعلني أطمح إلى أن أكون ضمن أحسن المدربين في تونس وأشعر بالسعادة لأن ثلة من المدربين التونسيين الصاعدين حالفهم النجاح ولكن ذلك لا يمنعنا من ضرورة الاعتراف بوجود عدة أقطاب ومرجعيات تدريبية ببلادنا من المدربين الذين كانت لهم بصماتهم في الكرة التونسية. ماذا تمثل لك تجربتك السابقة مع النادي الإفريقي سواء كلاعب أو كمدرب؟ أظن أنها كانت ناجحة بكل المقاييس فقد تحصلت معه على الألقاب كلاعب وأيضا كمدرب مساعد كما أنني أحتفظ بالعديد من الذكريات الجميلة مع هذا الفريق... ولاحظت أنه وجه اهتمامه التام خلال هذا الموسم إلى مسابقة رابطة الأبطال الإفريقية وقدم مردودا محترما تحت إشراف المدرب قيس اليعقوبي. من المؤكد أن فريقك الأم الأولمبي الباجي يبقى كذلك في البال فهل بإمكانه مغادرة ذيل الترتيب العام خلال الجولات القادمة؟ شخصيّا لاحظت أن الأولمبي الباجي بحوزته عدة لاعبين يتمتعون بإمكانات فردية متميزة ولكن يبدو أن الفريق تأثر كثيرا نتيجة الإقدام على تغيير الإطار الفني في أكثر من مناسبة ومع ذلك فأظن أن الأولمبي الباجي يبقى فريقا كبيرا وقادرا على الخروج من هذا المأزق بسلام. نترك لك كلمة الختام... فماذا تقول؟ أريد أن أشكر بقية أعضاء الإطار الفني للنادي الصفاقسي وهم كريم دلهوم المدرب المساعد ومحمد الرباعي مدرب حراس المرمى وكذلك المعد البدني حيث أننا نعمل في إطار عال من الانسجام والتكامل وأؤكد مجددا أنني فخور بتدريب فريق بحجم النادي الصفاقسي وهو الشعور نفسه الذي كان سينتاب أي مدرب مهما كان سجله واسمه وأتمنى عودة جمهور النادي الصفاقسي مجددا إلى الملعب حتى يساهم كعادته في مساندة فريقه.