تونس الشروق : خصّ الرئيس اللبناني السابق اميل لحود «الشروق» بحديث صحفي شرح فيه موقفه من الأوضاع في سوريا على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها منذ أسابيع قليلة معتبرا ان الغرب غير معني بالاصلاح في دمشق بقدر ما هو معني بقطع علاقتها بالمقاومة... الرئيس إميل لحود استبعد في هذا الصدد تكرار السيناريو الليبي في سوريا متوقعا ان تخرج دمشق من محنتها أقوى من السابق... كما تحدّث لحود عن مستقبل العمل العربي المشترك في ضوء ما يحدث من ثورات معربا عن أمله في أْن يؤدي تعيين المصري نبيل العربي على رأس الجامعة العربية الى احداث نقلة على هذا الصعيد... وفي ما يلي هذا الحوار... فخامة الرئيس ما موقفكم مما يجري في سوريا اليوم... وضمن اي سياق تقرأون أبعاد التحركات الاحتجاجية التي تشهدها عدة مدن سورية اليوم؟ سوريا تختلف عن باقي الدول العربية وما يجري الآن هو محاولة للانتقام منها بسبب وقوفها في وجه اسرائيل ودعمها للمقاومة... هذه هي أمريكا وهذا هو الغرب... كل من يقف في وجه اسرائيل يريدون أن يخلقوا له مشاكل ويسعون الى معاقبته... ولذلك نرى أمريكا اليوم تفرض عقوبات على النظام في دمشق... هذه قصة سياسية تافهة يرددها الغرب... طبعا أنا لا أنفي أن هناك قضايا اصلاحية في سوريا... ولكن أنا أعرف الرئيس بشار الأسد شخصيا... وهو رجل اصلاحي... ولكن الاصلاح عادة ما يأخذ وقتا... وبالتالي فإن القضية بالنسبة الى الغرب ليست قضية اصلاح في سوريا بل إن قضيته هي كيف أن سوريا واقفة في وجه اسرائيل ولكن هذا المخطط لن ينجح وستخرج سوريا من هذه الأزمة أكثر قوة من قبل... وسنسمع قريبا بأن هذه الأزمة قد انتهت. قلتم ان سوريا تختلف عن الدول الأخرى التي شهدت ثورات... فما هي أوجه الاختلاف اذن؟ لأن الشعب العربي اليوم يريد استعادة كرامته وحقوقه المشروعة.. وسوريا كسائر الشعوب العربية تطالب بهذا الامر.. وأنا لما كنت رئيسا للبنان حوربت لهذا السبب.. ولما كنت مع المقاومة تعرضت الى ضغوط وتهديدات كبيرة.. والجميع يذكر ما تعرضت له أثناء الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان حين كانت مادلين أولبرايت تهددني وتضغط عليّ للاستجابة للاملاءات والأوامر الامريكية في هذا الصدد.. هم متعوّدون على اعطاء أوامر... الرئيس بشار الأسد مثل والده لا يتلقى أوامر... الشعب السوري عنده كرامة.. والرئيس بشار الاسد منفتح ورجل اصلاح.. لكن كل ما يطلبه الامريكان من سوريا الآن ليس الاصلاح بل قطع علاقاتها مع المقاومة... أما في باقي الدول العربية فإن النظامين اللذين سقطا في مصر وتونس فإنهما كانا يسايران اسرائيل. ... الشعب في سوريا اليوم يقف الى جانب الرئيس بشار الاسد وعنده مناعة... لكن هناك من يقارن اليوم بين ما يجري في سوريا وليبيا ويرى بأن دمشق مهددة بالسيناريو الليبي... فهل أن مثل هذا الامر قائم برأيكم؟ أكيد لا... أنا أرى أن هناك فرقا كبيرا بين سوريا وليبيا... الرئيس بشار الاسد غير القذافي... الأسد وكان لا يزال مقاوما صحيحا.. في حين أن القذافي لم يكن كذلك على الاطلاق.. في هذه الحالة كيف تنظرون الى العقوبات التي بادرت واشنطن الى فرضها على الرئيس الأسد وعدد من معاونيه.. وما هي مخاطر وتداعيات هذه العقوبات؟ العقوبات هي برأيي ذات العقوبات التي كانوا قد فرضوها في السابق ضد الرئيس بشار الأسد.. وقريبا ستتخلّص سوريا من هذه المحنة.. نعم أمريكا تعمل المستحيل اليوم من أجل تغيير النظام في سوريا ولكنها لن تنجح،. أمريكا نجحت في تدويل الملف الليبي لأن القذافي سمعته سيّئة.. اليمن قد تشبه ليبيا.. ولكن سوريا ليست كذلك.. البحرين قمعوها ولم يتحدثوا عن حقوق الانسان.. ثمّة من يربط بين ما تشهده المنطقة من ثورات وبين مشروع الشرق الأوسط الجديد.. فهل هناك رابط بينهما برأيكم؟ مشروع الشرق الأوسط الجديد تمّ ترويجه بعد سقوط بغداد.. وأذكر أنه في القمة العربية التي احتضنتها تونس بعد حرب العراق.. كان الرئيس التونسي المخلوع بن علي قد اقترح جلسة مغلقة.. وخلال هذه الجلسة عرض بن علي مشروع بيان ينص على دمقرطة الشرق الأوسط.. فقلت له نحن علمنا الديمقراطية للعالم وليس الأمريكان هم من سيعلموننا الديمقراطية.. ولكن هذا البيان اعترضت عليه أنا والرئيس بشار الأسد والرئيس السوداني عمر حسن البشير.. ووقتها كتبت الصحف الأمريكية أن العرب رفضوا مشروعا أمريكيا للسير في ركب الشرق الأوسط الجديد وأن الأسد ولحود والبشير هم من عرقلوا هذا المشروع.. القمم العربية التي عرجتم في معرض حديثكم عليها.. هل ترون أن تغيير الأمين العام للجامعة العربية يمكن أن يعيد إليها اعتبارها خاصة في ظل «الزخم الثوري» الذي تعيشه المنطقة اليوم؟ إن شاء اللّه يعاد الى القمم العربية اعتبارها لأن أمريكا ظلّت مهيمنة على الجامعة العربية.. وأنا هنا لا أقول مجرد كلام بل لديّ معلومات بهذا الشأن ومنها ما ذكرته آنفا ومنها أيضا ما عرض علينا في قمم سابقة حين طالبونا بدعم النقاط السبعة في لبنان والمتمثلة خصوصا في اعادة مزارع شبعا الى الأممالمتحدة ونزع سلاح المقاومة لكننا قلنا لهم لا.. الثورات التي تشهدها عدة دول عربية اليوم الى أي مدى يمكن لها فخامة الرئيس أن تحرّك العمل العربي المشترك وتزوده ب«جرعة ثورية» تخلصه من حالة الجمود التي لازمته منذ عقود؟ العمل العربي لا يزال غير موجود.. وكل من يقف في وجه اسرائيل بالفعل.. وليس بالكلام يتعرّض للاستهداف.. ولكن أؤكد أن الشعوب تحرّكت في بعض الدول مثل تونس ومصر لأسباب اقتصادية واجتماعية.. بينما في سوريا الأمر مختلف تماما.. لأن سوريا يراد منها اليوم بالأساس أن تتخلّى عن دعمها للمقاومة وللقضية الفلسطينية التي هي قضية العرب الأولى.. ولكن على العموم أقول ان هناك اليوم أمينا عاما جديدا للجامعة العربية وإن شاء اللّه ينجح في مهامه.. وبالتأكيد أمامه اليوم مهام صعبة.. ولكن من الضروري أن يدرك العرب أن أمريكا لا تعمل لمصلحتهم وانها تتآمر عليهم.. وأنه لا يهمها أحد في المنطقة سوى اسرائيل.