يعتزم حلف شمال الاطلسي الذي يبدو مقتنعا بأن عملياته في ليبيا دخلت مرحلتها الاخيرة أن يتوجّه بطلب اليوم الاربعاء الى وزراء دفاع الدول الاعضاء لبذل جهد أخير من أجل رحيل النظام الليبي والاعداد لمرحلة ما بعد القذافي الذي بدأ الخناق يضيق عليه شيئا فشيئا في الوقت الذي يتصاعد فيه القصف الصاروخي على طرابلس وبالخصوص على باب العزيزية، مقر العقيد الليبي. من جهة ثانية وجه الرئيس الامريكي باراك اوباما تحذيرا للقذافي، مؤكدا خلال لقائه أمس بالمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل ان الضغوط على العقيد ستتصاعد، الى أن يتنحى عن الحكم ويسلم السلطة لليبيين. وسيناقش الحلف الاطلسي الذي يحارب لاول مرة على جبهتين، اولا في بروكسل الحملة الجوية والبحرية التي اطلقت في مارس في ليبيا ضد قوات العقيد معمر القذافي، قبل التطرق غدا الخميس الى الوضع في افغانستان وآفاق انسحاب تدريجي منه بعد حرب صعبة ضد طالبان دامت اكثر من تسع سنوات. أيام معدودة ورغم ان قوات القذافي ما زالت تسيطر على غرب ليبيا ومحيط طرابلس وبينما لم يتمكن الثوار الذين يمثلهم المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي في شرقها، من هزمها بمفردهم، يرى الحلف الاطلسي ان ايام النظام الليبي باتت معدودة. ويرى قادة الحلف الاطلسي العسكريون ان الاف الغارات الجوية التي يشنها طيران التحالف على الجيش الليبي قد اثرت في قدرته على شن هجمات مضادة، رغم ان ذلك لم يعكس تقدما لانصار المجلس الوطني الانتقالي على الارض. وقال مسؤول عسكري كبير ان «تحليلنا اكثر تفاؤلا من تحليل الذين يتحدثون عن الغرق في مستنقع، اننا نرى ان الوقت يصب في صالحنا». واعتبر ان «وضع نظام القيادات الليبية متداع الى حد انه يتوقع ان يستسلم الليبيون في اي وقت». وقال ان «البعض يرون ان 80% من مراكز القيادة قد دمرت لكن العديد من الدول المشاركة تقيم تلك النسبة بنحو 50%» متوقعين عدم انتهاء الحملة قريبا. ومددت الدول الحليفة الاربعاء الماضي بتسعين يوما ما تسمى عملية «الحامي الموحد» التي انطلقت مبدئيا لمدة ثلاثة اشهر. لكن الحملة العسكرية ترتكز بشكل ملموس خصوصا على قسم من الحلفاء حيث ان نحو 12 منهم لا يقدمون لها اي دعم جوي ولا بحري. ويشارك فقط في الغارات الجوية تسع دول هي الامارات وثمانية اعضاء في الحلف (بلجيكا وكندا والدنمارك والولايات المتحدة وفرنسا وايطاليا والنرويج والمملكة المتحدة) بينما تعاني ميزانيات دفاعها من الانخفاض. واكد مسؤول امريكي ان «التعب بدأ يؤثر على الطائرات وطواقمها وتكاليف العملية ترتفع (مثل مخاطر نقص) الامدادات من الذخيرة». وتحدث الامين العام للحلف الاطلسي اندرس فوغ راسموسن أول أمس عما أسماه «مبدا التضامن» وعن نيته في مطالبة الحلفاء الذين ليسوا في المقدمة منذ بداية العمليات في ليبيا نهاية مارس بمزيد من المساهمة لمساندة الدول التي هي في الواجهة. مسألة وقت وكرر راسموسن أمس امام الصحافيين ان المسالة ليست معرفة «اذا» كان القذافي سيتنحى عن الحكم بل «متى» وانه يجب الاستعداد لذلك. واضاف «يجب علينا ان نتفادى الفراغ الامني ونحن مستعدون للتشاور مع منظمات دولية اخرى من اجل ذلك». وقال انه «لا يتصور» بعد وقف اطلاق النار ان «يلعب» الحلف الاطلسي «الادوار الاولى» اي ان ينشر قوة فصل او حفظ سلام في ليبيا، الامر الذي يقتضي ارسال جنود الى الارض. واعتبر ان الاممالمتحدة وربما الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي والجامعة العربية هي المنظمات التي قال ان لديها «القدرات والخبرة الضرورية لتسهيل عملية انتقالية» سياسية «بعد انتهاء النزاع». الا ان الحلف الاطلسي اكد انه «قد يساعد ليبيا في مرحلة ما بعد القذافي على تدريب قوات امنية عصرية وديموقراطية تحمي الشعب بدلا من مهاجمته». ميدانيا، أفاد مراسل «العربية» في ليبيا أن 25 صاروخاً سقطت على طرابلس، بينما دوّت أصوات انفجارات في منطقة باب العزيزية، ظهر أمس. وكان المراسل أشار إلى أن طائرات التحالف الدولي شنت غارات كثيفة على العاصمة الليبية، واستهدف بعضها وسط طرابلس، كما طالت مناطق عدة في المدينة. بينما أشارت وكالة «رويترز» إلى أن نيرانا اندلعت في محيط مقر القذافي بفعل الغارات. وقبل ذلك سيطر الثوارُ الليبيون على بلدة يفرن الجبلية بالكامل وطردوا القواتِ الموالية للقذافي، كما استطاعوا أسرَ بعض الجنود. وُتظهر الصور التي سَمحت قواتُ المعارضة الليبية بالتقاطها أسرى من قوات القذافي، يقولون إنهم ُنقلوا إلى «يفرن» لحماية المدنيين من جنودٍ جزائريين قبل أن تأسرهم المعارضة. وتقع يفرن على بعد 100 كيلومتر جنوب غربي العاصمة طرابلس. وكانت قوات القذافي تسيطر عليها لأكثر من شهر، قبل أن تساهم غارات الناتو في سيطرة المعارضة عليها.