يوما بعد يوم ينكشف المتلاعبون بالعقول... انهم يقصفون يوميا بكل انواع القنابل المحرّمة دوليا.. يبيدون الأبرياء بدعوى مطاردة الارهابيين وتصفيتهم.. يوميا نشاهد على الشاشة عشرات الشهداء / «الارهابيين» من الاطفال والشيوخ والطيبين الآمنين... يوميا نرى آثار القصف لكن لم نر أبدا آثار قصف العقول الذي تورط فيه «محللون» ومراقبون وساسة و»حكماء» و»عقلاء».. كلهم تورطوا في الدم العربي وتلطخت ايديهم وارجلهم ووجوههم... كلهم كانوا شهود زور... لا فرق بين من يقصف المدن والاحياء والبنايات ويستهدف الدماء ومن يقصف العقول ليظلل... هؤلاء هم الخط المتقدم وهم طلائع الارهاب المنظّم! واذا كان المعرّي تساءل ذات قرن «افلا تميد بما يقال المنابر» مشيرا الى الكذب المنظم فكأنه يتحدث اليوم عن «هيئات الافتاء» الدولية وعن المنابر الدولية والاقليمية التي صارت تصدر «الفرمان» تلو الآخر لتبرر القتل... وهذه العبارة على رأي هيكل لم يعد لها اي مدلول لشدة بشاعتها... لماذا يُقتل العرب والمسلمون؟ لماذا اصبحت دماؤهم رخيصة؟ ولماذا اشترك الجميع في وليمة القتل المنظم حتى كأن العرب والمسلمين لم يخلقوا الا لتكون اجسادهم وارواحهم قربانا للإفك والزور والمغالطات والقصف الممنهج للعقول؟ كيف يصبح الاختلاق حقيقة؟ وكيف يصبح الافتراء قاعدة نقتنع بها لشدة تكرارها؟ بالأمس اخترعوا حكاية «الارهاب» فمشى الجميع وراء هذه الكذبة دون تحديد معناها وهؤلاء يذكروننا بحكاية «الفنكوش» في احد افلام عادل امام الذي حظي بدعاية صرفت من اجلها ملايين الجنيهات وتهافت الجميع على «الفنكوش» وتم حجز مئات الأطنان منه على الورق وكل يريد ان يحجز نصيبه ثم اتضح فيما بعد ان «الفنكوش» لا وجود له بل هو اختراع وهمي اخترعه عادل امام للابتزاز!! لعبة «الفنكوش» تتكرر اليوم بمسمى جديد هو «الارهاب»! وبعده بدأت «الجوقة» تعمل من اجل «الحقوق الدينية» و»حقوق الانسان» و»الاقليات» وبعد العراق تواطأت عشرات المنظمات من اجل الانسان في دارفور! ملأوا الدنيا نعيقا واوهموا العالم بأن الافارقة مضطهدون في اقليم دارفور وان هناك ابادة جماعية وتورط عدد كبير من «المحللين» في هذه الدعاية ليتضح بعد ذلك ان لعبة قصف العقول بدأت في انتظار قصف الحقول وكل ما يتحرك تمهيدا للانقضاض على خيرات دارفور! إقليم يسكنه 6 ملايين سوداني كلهم مسلمون وكلهم يتكلمون العربية رغم لهجاتهم المحلية هم في اغلبهم شديدو التدين... ودارفور هي البوابة الغربية لافريقيا منها انطلق المدّ الاسلامي ومنها تسربت العربية وهذا القليم يضم آلاف الكتاتيب لتحفيظ القرآن وهذا الاقليم هو الذي خرّج عشرات الائمة والمؤذنين ولا توجد منطقة واحدة في السودان ليس فيها امام او مؤذن الا وكان اصيل دارفور. وحتى حكاية «الجنجويد» وقطاع الطرق يعرفها القاصي والداني وقد زار وفد مستقل هذا الاقليم وفوجئ بحجم الاكاذيب التي روّجها الامريكان والاوروبيون وعملاؤهم عن حرب الابادة المزعومة وأعدوا تقارير تضم آلاف الوثائق والشهادات عرضوها من خلال الدكتور سليم العوّا على قناة الجزيرة مفندين كل ادعاءات المتربصين بهذا الاقليم وثرواته بدءا بالأورانيوم والحديد والنفط والثروة الحيوانية. هذا المعطى «الثرواتي» يضاف اليه البعد الديني والرغبة في «تجفيف المنابع» وقطع افريقيا الغربية عن هذا الرافد الحضاري فضلا عن تمزيق السودان وتقسيمه والاقتراب من الحدود المصرية الليبية والتمركز حولها في انتظار الغنيمة الكبرى... ولعل من يلحظ رد فعل الصين تجاه العقوبات النفطية المحتملة على السودان يدرك ان الصين مستهدفة ايضا وان امريكا ليست مطمئنة من جانب الغول الاصفر الذي قرر منذ اسابيع جعل الاحتياطي النفطي جزءا من امنه في اعلان فيه الكثير من التحدي. ولقد تورطت بعض المنظمات مثل منظمة العفو الدولية في هذه اللعبة فقدمت تقريرا عن اغتصاب النساء وهو ما نفته لجنة تقصي الحقائق رغم تأكيد منظمة العفو الدولية انها تمتلك «أدلة دامغة» حول الموضوع لكنها لم تقدم اي دليل يؤكد زعمها سواء عبر نشرياتها او موقعها الالكتروني بل ان احدهم زعم ان 400 امرأة تعرضت للاغتصاب في فيفري وتم نقلهن لوضع مواليدهن في الخرطوم في اوت 2004 ! اي انهن حملن كلهن في يوم واحد وسيضعن مواليدهن بعد 6 أشهر من الحمل!! تقرير اللجنة المستقلة استند الى عشرات الشهادات الميدانية ووثق كل ما شاهده وسمعه من اهل دارفور وكل الاطراف!! وبعد هذا كله لماذا سلمنا مقاليد امورنا لتقارير يقودها «مسيلمة الكذاب» الذي يصدر بياناته من واشنطن ونيوريورك ولندن وباريس وتل ابيب ويرددها بعض الببغاوات العرب الذين تلهوا بقضايا جانبية. ومن المفارقات ان واحدا مثل عباسي مدني يعلن من الدوحة عن اضراب جوع من اجل اطلاق سراح الصحفيين الفرنسيين المحتجزين في العراق! وكان على عباسي مدني ان يغيّر عنوان اضرابه عن الطعام لمساندة مئات الاسرى العرب في سجون الصهاينة او من اجل عشرات الاسرى العراقيين في قبضة العدو الامريكي المحتل للاراضي العربية والمحرّض على قتل العرب والفلسطينيين ام ان الدم العربي ماء والعرب لا بواكي لهم.