سألني أحد الأصحاب عمّا إذا كنت أعرف متى ستنتهي «السردكة» من الشارع ويعود أصحاب الصدور المنفوخة إلى أحجامهم الطبيعية؟ ومن المستفيد مما وصفه بالعواء والنباح اللذين أصبحا يملآن الساحة حسب زعمه؟ قلت أرجع إلى الطبيعة والمحيط ولا تدخل بنا في «حيط» قال إفصح، قلت أنا ابن ريف علمتني مداجن القرية أن إذا صفقت للديك الرومي نفخ صدره، وملأ الدنيا«سردكة» وغرغرة وصياحا، وكلما زدته تصفيقا إلا وازداد انتفاخا ولا غرابة إن رأيت فيه أبهة فرعون، وهالة هتلر وأنفة وزراء النفط ومشية بوكاسة وطلعة هارون الرشيد وما إن ترمي له «نتيشة» خبز حتى ينزل من عليائه ساجدا راكعا لها ويعود إلى حجمه«الدندوني»الطبيعي «دندونا» وكفى بالله سبيلا وأما العواء والنباح يا صاح فأنا إبن ريف أعرف إذا عوت الذئاب في أعالي الروابي نبحت في القرية كل الكلاب، وأعرف عندئذ أن في الأمر جثة جيفة من الجيف النتنة على مسافة بينهما في مكان ما يتمناها الذئب والكلب كل لنفسه، وكلاهما يشتركان في حاسة الشم، وكل منهما «يشمها وهي طائرة» في السماء ويشمها وهي مدفونة في الأرض. وأعرف أن الذئاب لا يطيب لها العواء إلا في الظلام، وأن الكلاب لا يحلو لها النباح إلا في ساحات البيوت، وأعرف أن إذا تلهت الكلاب بعواء الذئاب تسللت الثعالب إلى دجاج القرية ، ونهشته في غفلة وهي آمنة من أي خطر، ومطمئنة على الشبعة إلى حد التخمة طالما الذئاب تعوي والكلاب تنبح إلى مطلع الفجر حيث يستفيق الأهل على حصرة ومضرّة ولا شيء في الساحة سوى أكداس الريش باختصار أعرف أن كلما عوى الذئب، ونبح الكلب استفاد الثعلب وتضرر الأهل مالم يناد المنادي «هاتوا الكلاب هاي ثعلب».