هو دونما شكّ رائد المقاومين والمناضلين في الفضاء الإفتراضي، هو زهير يحياوي المعروف أكثر بلقب «التونسي» هو أول ضحية لشرطة المعلوماتية في نظام بن علي. في خريف 2001، أطلق هذا الشاب البالغ من العمر 33 عاماً والذي يحمل شهادة ماجستير في الاقتصاد(عاطل عن العمل) مجلة إلكترونية بعنوان: TUNeZINE (في إشارة إلى الاسم الأول للرئيس بن علي، زين)، لاقى الموقع نجاحاً فورياً، في تونس كما في الخارج. فقد سحر الشبّان بنبرته الجريئة وبالموهبة التي يتمتّع بها محرّكوه الخمسة الأساسيون. أثارت كتابات فريق زهير يحياوي المدوَّنة باللغة العربية العامّية والتي تنطبع بفكاهة ساخرة، غضب السلطة التونسية. ففيها نجد الأحداث الآنية والخيال السياسي والهجاء إنما أيضاً التأمل العميق، عندما نظّم الرئيس بن علي استفتاء للحصول على مباركة شعبه طمعاً منه بولاية رابعة، اقترح موقع TUNeZINE استفتاءه الخاص: «هل تونس جمهورية أم مملكة أم حديقة حيوانات أم سجن؟»، فأوقِف بعد تعقّبه لأشهر عديدة، وتعرّض للتعذيب، وخضع للمحاكمة، وحُكِم عليه بالسجن عامَين بتهمة «نشر أنباء كاذبة هدفها الإيحاء بحدوث اعتداء» و«سرقة وسائل اتّصال واستعمالها بصورة احتيالية». وفي الزنزانة التي قبع فيها المعارض الشاب، بدأ إضراباً عن الطعام للمطالبة بالحصول على العناية ، وقد استغرق وقتاً قبل أن ينجح في إثارة انتباه المجتمع الدولي ، فتحرّكت منظمات غير حكومية مثل «مراسلون بلا حدود» ومنحته جائزة «الحرية عبر الفضاء السبراني». بعد ثمانية عشرة شهراً من الاعتقال وثلاثة إضرابات عن الطعام، خرج زهير يحياوي من السجن. لكنه لم يعد الرجل نفسه. فالتعذيب والانقطاع المطوَّل عن الأكل والمعاملة السيئة أحدثت تحوّلاً لديه، وأضعفته... وفي 13 مارس 2005، توفّي في تونس إثر تعرّضه لنوبة قلبية. تقول والدته باكية «أفكّر فيه دائماً، أتخيّل كيف كان يبدو رد فعله بعد سقوط بن علي. أريد ما حارب من أجله: الحرية في تونس. إذا رحل كل أعضاء «التجمع الدستوري الديمقراطي» [الحزب الحاكم السابق]، يكون ابني قد حقّق هدفه».