عرفت الساحة الفنية وأساسا الموسيقية حراكا مهما بعد الثورة تمثل في تغيير نشاط ومواقف الهيكل النقابي لأهل المغنى ارتدى شكل الصراع بين القدامى والجدد والمحترفين وخريجي المؤسسات الجامعية وتحوّل في أحيان كثيرة الى تطاول على «الرموز» الفنية ومحاولة المسّ من انجازاتها وتاريخها الفني عبر خلطة مغلوطة بين الفني والسياسي لتحقيق غايات تهدف الى إعادة تشكيل مشهد فني جديد لا يستند الى مقاييس انتاجية فنية بل الى إحداث فراغ وتصعيد وجوه جديدة تسيطر على الساحة وتقسم العمل بينها. وفي هذا الاطار تنزل الهجوم على الفنان المبدع لطفي بوشناق ومحاولة الاعتداء على حقه في الظهور والعمل وابلاغ انتاجاته وإبداعاته الى جماهيره في مختلف المدن التونسية ومنعه من الغناء في حفل افتتاح مهرجان قرطاج أو غيره من المهرجانات والتظاهرات الوطنية التي تختار برمجته. ولئن كان الفنان لطفي بوشناق لا يحتاج الى من يدافع عنه باعتبار ان انتاجه وإبداعه كفيل بذلك وأتاح له الانتشار وطنيا وعربيا ودوليا ايضا خاصة بعد ان اختارته الأممالمتحدة سفيرا لها، فإنه لا يمكن السكوت عن ظاهرة ركوب الثورة والاحتماء بها لضرب رموزنا وابداعاتها وطمس جهودها على مدى سنوات وفي مختلف الأمصار لرفع راية الأغنية التونسية والتعريف بالفن التونسي على حسابها الخاص وبعلاقاتها الشخصية. وللتاريخ أقول كمتابع للمشهد الموسيقي والغنائي منذ قرابة ربع قرن حضرت فيها عروضا فنية لفنان لطفي بوشناق في الداخل والخارج انه كان دائما حريصا على تجويد انتاجه كلمة ولحنا وعلى تجديد أشكال غنائية والانفتاح على موسيقات العالم دون التنكّر للمقام والكلمة التونسية وهو ما جلب له احترام النقاد والجماهير الذين رأوا فيه سفير الأغنية التونسية وسيد الطرب القرطاجي رغم رفضه للألقاب. إن من حق الفنانين الشبان والجدد والذين لم يتمكنوا من البروز والانتشار ان «يناضلوا» من اجل حقهم في الظهور والعمل والمشاركة في المهرجانات ومختلف التظاهرات الفنية لكن هذا النضال يجب الا يكون عبر أسهل الوسائل والاعتداء على الزملاء وأصحاب المهنة فالعمل النقابي في أي قطاع يقوم على الدفاع عن أصحاب المهنة مهما كانت انتماءاتهم ومواقفهم وبالتالي فإن النقابة ليست حزبا ولا يمكن مطلقا ان تكون وسيلة للإقصاء او لتصفية حسابات أو أغراض شخصية. «سمع هس» كلمة مصرية تعني عند سماع المغني سكوتا، لهذا دعونا نستمتع بالفن الراقي من الفنان المبدع لطفي بوشناق في مسارحنا يا أهل الذكر... بعيدا عن النشاز الذي صد آذاننا غناء وكلاما..