عطل أهالي قرية «عين مذاكر» من معتمدية النفيضة العمل بمصنع الاسمنت بالنفيضة الذي يزود البلاد بنسبة 30٪ من مادة الاسمنت بعد أن «حجزوا» معدات المقطع من شاحنات وجرافات مطالبين بحقهم في التشغيل وفي التعويض لهم عن الأضرار التي لحقت بهم وبمساكنهم جراء عمل المقطع الذي يوفر مادة الكلس لصناعة الاسمنت. «الشروق» تحولت الى النفيضة وتحادثت مع الأهالي ور.م.ع المصنع ووالي سوسة ورصدت مختلف الروايات والمطالب وآفاق الحل. وحسب والي سوسة السيد محمد فوزي الجاوي والسيد فرنسوا شاربيون (فرنسي) ر.م.ع المصنع فإن الأهالي صعدوا الى المقطع وأنزلوا المعدات المتمثلة في شاحنات ثقيلة وجرافات وآلات حفر... وذلك يوم 27 جوان 2011 فتوقف تزويد المصنع بالمادة الاساسية لانتاج الاسمنت وهو ما أدى الى توقف نشاط المعمل نهائيا يوم 3 جويلية الحالي الى الآن. ردود فعل توقف انتاج المعمل دفع ادارته العامة الى التلويح باتباع الاجراءات القانونية المتمثلة في اللجوء الى تسريح العمال في اطار بطالة فنية كما هدّد المجمع الاسباني الذي يملك المصنع منذ 13 سنة برفع المشكل الى اجهزة الاعلام في أوروبا وهو اجراء من شأنه أن يقلص من تدفق الاستثمارات الاوروبية الى بلادنا بالاشارة الى غياب الأمن والاستقرار الاجتماعي. تطور الأوضاع بسرعة دفع الوالي الى زيارة القرية والمصنع وعقد اجتماعات بممثلي الاهالي وإدارة المصنع لتقريب وجهات النظر وانهاء الخلافات واعادة تشغيل المصنع. وقال الوالي ان ممثلي الاهالي وبعد عودتهم الى القرية لم ينجحوا في اقناع المتساكنين بالحل المقترح وهو الخروج من الأزمة بأقل الخسائر وبما يرضي كل الاطراف باعتبار أن الحل لن يأتي بعصا سحرية بل بالتدريج. مطالب ويقول والي سوسة ان متساكني «عين مذاكر» وهي قرية تعاني من التهميش وغياب التنمية ويقطنها قرابة 7 آلاف مواطن طالبوا بحقهم في التشغيل والتنمية وفي التعويض عما لحقهم من أضرار نتيجة قرب المقطع من مساكنهم واعتماد المفرقعات ل «تفجير» حجارة الكلس وهو ما أصاب منازلهم بالتصدع اضافة الى التلوث الهوائي والمائي والسمعي نتيجة الغبار وضجيج المفرقعات. وأضاف الوالي ان ادارة المصنع بادرت خلال شهر مارس بالزيادة في اجور اطاراتها بين 200 و300 دينار وهو ما أثار غضب الاهالي الذين رأوا أن هذه الزيادات التي لم تأت في وقتها وكان يمكن توجيهها الى التشغيل وخلق مواطن شغل جديدة. كما قامت ادارة المصنع بتوزيع 175 ألف دينار على البعض من أهالي القرية وهو ما أغضب العائلات التي لم تتحصل على هذه الاموال ورفع في حجم التوتر وشددوا مطالبهم وتحركاتهم. متمسكون بمطالبنا وحسب السيد صالح الحكيم الحويشي أستاذ بمعهد النفيضة ومن أهالي «عين مذاكر» فإن المعمل وأساسا المقطع أضر بالقرية من حيث التلوث الهوائي وتصدع المنازل وتضرر المائدة المائية والزراعات والأشجار المثمرة «ونحن نريد تعويضا عادلا عن الاضرار وتشغيل أبناء القرية في المقام الاول». ويضيف السيد عبد العزيز العربي مدير المدرسة «إن قضيتنا واضحة وجلية نريد تعويض الأضرار التي لحقت المساكن والتي عاينها ممثلو السلطة المحلية والجهوية اذ تصدعت الجدران والأسقف وأصبحت آيلة الى السقوط وهو ما سيجعل مصير المتساكنين مجهولا خاصة في فصل الشتاء وعند نزول الأمطار». واقترح ان يتم تمكين كل صاحب مسكن من 5 آلاف دينار لترميم منزله. ويؤكد السيد الطاهر الفرجاني إمام المسجد ان وزير الصناعة والتكنولوجيا زارهم قبل مدة وأبدى تفهمه لمطالبهم وأبدى استعداده لإيجاد حل للموضوع عبر التشغيل والتعويض. ورأى السيد الحبيب الطرابلسي (عامل) أنهم مستعدون للتفاوض مع ادارة المصنع واعادة تشغيله اذ حققت مطالبهم وقلصت من الأضرار التي لحقت بالأهالي. القرية وأهلها على رأس اهتمامنا السيد فرنسوا شاربيون ر.م.ع المعمل والسيد يوسف الصويعي مدير الموارد البشرية قالا إن ادارة مصنع الاسمنت بالنفيضة تحرص على إقامة علاقات حسن جوار مع محيطها مبنية على الثقة والاحترام والتفاهم المتبادلين وهي تعتبر القرية وأهلها جزءا من محيطها وعلى رأس قائمة اهتمامات المصنع. وللتدليل على ذلك قال ان المصنع بنى المدرسة الابتدائية بعين مذاكر وقد خصص لها 90 ألف دينار لتعهدها وصيانتها اضافة الى تقديم اعانة عاجلة الى 700 عائلة بقيمة 250 دينارا لكل عائلة والتدخل لدى ال «صوناد» لتركيز مصفى مياه رغم ان الشركة تقول إن المياه غير ملوثة. وفي باب التشغيل انتدب المصنع منذ بداية الثورة 30 عاملا منهم 21 من القرية من بينهم 2 يحملان شهائد عليا كما سينتدب المصنع بين 6 و8 عمال آخرين خلال الايام القادمة وبعد وصول آلات ومعدات جديدة الى المقطع. وسيفتح المصنع قريبا مناظرة خارجية لانتداب مجموعة من أصحاب الشهائد العليا والمتوسطة وسيكون لأبناء القرية نصيب فيها لكن يجب ان يعلم الجميع ان طلبات الشغل أكبر من امكانات الانتداب والتشغيل وان هناك معادلة اقتصادية معروفة ولا يمكن للمصنع ان يشغل أكثر من طاقة استيعابه. الحل قريبا؟ وتتواصل جلسات التفاوض وتقريب وجهات النظر بين الطرفين. فحق الأهالي في التعويض والتشغيل واضح وجلي وحق المصنع وعماله في مواصلة العمل والانتاج جلي خاصة ان هذا التوقف عن الانتاج جاء في وقت ارتفعت فيه أسعار الاسمنت بشكل كبير وفسحت فيه المجال لبروز السوق السوداء.