جاء رجل إلى رسول الله فقال له:يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك فقال له عليه الصلاة والسلام «قل آمنت بالله ثم استقم» رواه مسلم بين النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف أهمية اقتران الإيمان بالعمل وضرورة انعكاسه على سلوك الإنسان، لذلك اهتم الإسلام بتكوين الفرد وإصلاحه وذلك حتى يصلح المجتمع لأن في صلاح الفرد صلاح المجتمع فعمل على تنشئته تنشئة سوية على الأخلاق الكريمة والأعمال الفاضلة فغرس فيه روح التوحيد وهو حجر الزاوية الأساسي في بناء شخصيته ثم صقلها وذلك بغرس جملة من القيم الأخلاقية الفاضلة التي تنحت منه مسلما قادرا على التفاعل الإيجابي مع إخوانه والتأثير في محيطه فغرس فيه روح التسامح والإيثار و الرفق والعفو والمثابرة والتعاون والتكافل والكلمة الطيبة وغيرها قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ (آل عمران159). ومدح أيضا المستقيمين وبشّرهم بالأمن والأمان يوم القيامة فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾ (فصلت30). إن الاستقامة أمر مطلوب في كل مجالات الحياة ولدى كل أصناف المجتمع فالأبوان مثلا لو استقاما وربّيا أولادهما تربية إسلامية صحيحة خالية من المنكرات والانحرافات وعرفا ماذا يطعمان أولادهما، وتحريا الحلال لهم فإن هذا يساعد في إنشاء البيت الصالح ويكون هذا البيت لبنة صالحة في بناء المجتمع ولو أن التاجر استقام على شريعة الله فتجنب الغش في بيعه وشرائه وراقب الله عز وجل في تصرفاته ووقف عند حدود الله وأحكامه وتجنب الحرام فتأمل ماذا سيحدث؟ وكذلك المربي والطبيب والقاضي والفلاح والعامل غيرهم.. وكل أصناف الناس استقاموا فكيف سيكون وضع هذا المجتمع؟ بالتأكيد سيكون مجتمعا صالحا سعيدا وقويا متينا. إن شهر رمضان يمثل مناسبة عظيمة للصائم كي يستقي من نفحاته العطرة الزكية ما يصلح به ذاته ويقوّم به سلوكه ويدعّم به استقامته على مدار العام بل العمر كله لأن ربّ رمضان هو ربّ كل الشهور والدهور.