اشتد عزم الثائر محمد الدغباجي على مواصلة رسالته النبيلة في مواجهة الاحتلال الفرنسي وهو الحزين على رفيق دربه الثائر البشير بن سديرة... فكانت معركة (الزلوزة) في جانفي 1920 وهي مكان قريب من جبل «حديقة» (الجهة الشمالية الغربية من الحامة)، وسبب هذه المعركة أن أحد أعوان الديوانة الفرنسية بالحامة المعروف ب«البريقاديي» ب«بولو الذي كان يضطهد الناس بحجة مطاردة المهربين لمادة الملح. وقد شاءت الصدف التقى به الدغباجي بدوّار (الزلوزة)، وهو يفتش الأهالي ويتوعدهم بتسليط غرامات مالية عليهم فبادر باطلاق الرصاص عليه مع ثلاثة من أعوان فحوّلهم الى جثث هامدة (1 جانفي 1920) تحرّكت القوات الاستعمارية الفرنسية من خلال حملات مداهمة وتمشيط استهدفت بني زيد وألقت القبض على البعض منهم وزجت بهم في السجن بتهمة مساعدة أو مشاركة الدغباجي في هذه المعركة واخفائه. وسعى خليفة الحامة الى استمالة محمد الدغباجي واعدا إيّاه بالعفو في صورة العودة الى أهله... غير أن ردّ محمد الدغباجي كان حاسما من خلال رسالة مؤرّخة في 16 فيفري 1920 ومما جاء فيها. «... حركتنا تمتد من فاس الى مصراتة، وليس هناك أحد يستطيع ايقافنا، إننا رعايا حكومة أقوى من الحكومة التي تأتمرون بأمرها...» مثل هذه الرسالة كشفت جوانب خفية من مدى إيمان الثائر محمد الدغباجي برسالته في النضال والكفاح ضد الاحتلال الفرنسي وهو المتشبع بمبادئ الحرية وإرادة الانسان الحرّ الذي يتوق الى التحليق عاليا في الفضاء الرحب، منتصرا لقيم الحياة الجميلة بعيدا عن قيود الاستعمار والاستعباد والظلم والاستبداد. رسالة الدغباجي التي رد فيها على عرض خليفة الحامة كما يتفق في ذلك عديد المؤرخين وأضحت رهانا بالنسبة له (أي الدغباجي) الذي رأى من الضروري أن يمتد اشعاعها الى بقية البلدان المغاربية رغم فشلها بطرابلس منذ نهاية الحرب الاولى، وربما كانت عودته الى طرابلس ثانية حوالي شهر ماي 1920 تحمل نفسا جديدا لإحياء هذه الحركة. واصل محمد الدغباجي كفاحه المسلّح ضد الاحتلال الفرنسي متنقلا بين الجبال حتى كانت معركة مغذية (غربي هنشير سيدي مهذب وغير بعيد عن مدينة الصخيرة). يتبع