كشف «البيان التوافقي» بين النهضة وائتلاف الجبهة الشعبية بشأن توزيع المناصب والخطط في بلدية العروسة انقساما في مواقف الجبهة بات ينذر بتطورات وشيكة في سياق الصراع الداخلي. تونس الشروق: فور الإعلان عن النتائج الأولوية للانتخابات البلدية تداول نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك) بيانا توافقيا محليا بين أحزاب نداء تونس وحراك تونس الإرادة وحزب النهضة أعلن التوافق حول توزيع المناصب في بلدية سيدي علي بن عون من ولاية سيدي بوزيد قبل التراجع فيه والتنصل منه من قبل قيادتي النداء والحراك. هذا السيناريو أعيد إنتاجه مع اختلاف الأطراف المكونة له. حيث تم نشر بيان توافقي ثان بتاريخ 14 جوان الجاري بين الجبهة الشعبية وحركة النهضة في توزيع الخطط واللجان بينهما مؤكدين أنهما استقرا على اسم رئيس البلدية ومساعديه ورؤساء اللجان بما جعل البعض يصف الاتفاق بالتوافق التاريخي قبل أن تتبرأ الجبهة الشعبية منه. ومن جهتها أصدرت الجبهة الشعبية بيانا ليلة السبت 16 جوان الجاري تبرأت فيه من التوافق الحاصل موضحة أن ماحصل في بلدية العروسة موقف تم بشكل انفرادي ودون التشاور مع الهيئات القيادية في جميع المستويات. وإن الجبهة الشعبية لن تتحالف في تشكيل المجالس البلدية لا مع النهضة ولا النداء المسؤولين عما وصلت اليه البلاد من تدهور في رأيها. ولئن باركت حركة النهضة الاتفاق الحاصل فإن قواعد الجبهة الشعبية عارضته بشدة. حيث اعتبر الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري أن مبدأ الكفاءة والبحث عن الاستقرار والنأي عن التجاذبات السياسية محددات رئيسية في التوافقات التي تقوم بها الحركة والتي تختلف نوعيتها باختلاف خصوصية كل جهة. بينما سارعت قواعد الجبهة في اتهام القيادة بتحوير استراتيجيتها مع الإسلام السياسي وبضعفها أمام ممثليها الجهويين والمحليين. ودفعوا في سياق ضرورة توضيح الموقف قبل الاستعداد للانتخابات الوطنية إزاء ما يسميه البعض ب»التطبيع» مع حركة النهضة إذا ماكانت المبادئ لا تتجزأ محليا وجهويا. وردود الفعل الأولية الغاضبة من قبل قواعد الجبهة الشعبية ترى في تمسك النهضة بإعلان التوافق مع خصمها السياسي الجبهة الشعبية تكتيكا سياسيا يراد من خلاله التفكيك انطلاقا من اختيار المكان. وهو مسقط رأس ناطقها الرسمي حمة الهمامي مشددين على أن «المخطط» وقع استعماله مع أحزاب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل ونداء تونس. وفي المقابل جاء موقف القيادي في الجبهة الشعبية والكاتب عبد الجبار المدوري(حزب العمال) مخالفا لما عبر عنه المجلس المركزي للجبهة الشعبية ومعبرا عن قراءة عقلانية تريد احتواء «الأزمة» التي تعصف بالائتلاف. حيث اعتبر أن التعاطي مع الانتخابات البلدية ينطلق من الاعتبار المحلي الذي يتداخل فيه الذاتي بالموضوعي مضيفا أن السلوك السياسي المتوجب على الجبهة الشعبية اتباعه هو عدم التمسك بالقوالب الجاهزة و التقيد الصارم بالمبادئ العامة بل تنسيب الأمور وتنزيلها محليا وجهويا خاصة أن خصوم الجبهة الشعبية في رأيه يسعون بشكل مستمر الى تفكيكها وإرباكها وحصرها في زاوية الهوامش والردود الانفعالية ومزيد عزلها عن إطارها الشعبي. وألمح المدوري الى الخلافات التي تشق الجبهة الشعبية اثر هذا البيان قائلا: "لابد من الاقرار بأن بعض المنتمين الى الأحزاب المكونة للجبهة تتبادل التهم وتتصيد أخطاء هذا الحزب أو ذاك لإبراز «نقاوتها» الثورية......ولا مفر من تكريس الديمقراطية الجهوية والمحلية داخل الجبهة ومنح التنسيقيات الجهوية والمحلية صلاحيات أوسع لحل الإشكاليات واتخاذ ما تراه مناسبا في علاقة بالشأن الجهوي والمحلي. وفي المحصلة تبدو تداعيات «البيان التوافقي» بين الحزبين مرجحة للتطور في قادم الأيام بين موقفين متناقضين داخل الجبهة الشعبية أحدها يدفع في سياق احتواء ماحصل والقيام بالإصلاحات المطلوبة داخل الائتلاف وموقف ثان رافض لما يسميه ب»18 أكتوبر جديد» منذ تزكية نائبين من النهضة لترشح حمة الهمامي لرئاسية 2014 دافعين في سياق اتخاذ قرارات حازمة تصل الى حد حل مكتب العروسة. وفي كلتا الحالتين فإن الاتفاق المشار اليه جاء محملا بارتدادات محتملة داخل الجبهة.