تحالفات الأضداد، وتوسيع التوافقات وتغليب البعد المحلي على السياسي هي أبرز الملاحظات التي رافقت انتخاب رؤساء البلديات وتنصيبهم دافعة الى التساؤل ما إن كان ذلك يعبر عن حالة صحية في المشهد السياسي أم لا؟ تونس- الشروق- : وتتواصل الى غاية العاشر من شهر جويلية عمليات انتخاب رؤساء البلديات وتنصيبهم. وفي استقراء سياسي لطبيعة غالبية التحالفات التي سبقت انتخاباتها يتبين حضور بارز لتحالفات الأضداد في أكثر من بلدية وتوسيع التوافقات بين المستشارين البلديين المنتمين الى أكثر من عائلة سياسية واحدة. تحالفات المصلحة ويرى المحلل السياسي فريد العليبي أنّ تحالفات الأضداد فرضها واقع موازين القوى السياسي. حيث تسير الأطراف السياسية نحو ترتيب تحالفات مصلحة حتى وإن تعارض ذلك مع خطبها السياسية السابقة والتي تنكر اللجوء الى مثل ذلك مضيفا أن تحالف الأضداد أو مايعبر عنه بالتحالفات السياسية الهجينة سبق أن حدثت في تونس بعد انتخابات المجلس التأسيسي وغداة الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة وصولا الى التوافق الحاكم حاليا. ويعتقد العليبي في تحالف الأضداد خطورة تكمن في إنتاج تآلف توزيع مواقع لا يفرز معارضة وحكما بقدر إنتاجه توزيع الحكم والسلطة على الجميع ومن ثمة شعور الناخب بالمغالطة ومزيد الامتعاض من السياسة والسياسيين. تحالفات ظرفية ويلاحظ خبير الشأن المحلي محمد الضيفي أن تحالف الأضداد وقتي وفرضته ظروف انتخابية ستزول بزوال الانتخابات وأن البلديات في رأيه ستّحكم وفق موازين القوى العادية في المجالس البلدية لاحقا. والتحالفات التي سبقت انتخاب رؤساء البلديات وإن اختارت عدم مسايرة التوازنات السياسية القائمة فإنها ضعيفة التأثير في عمل المجالس البلدية الذي يستمد قوته من تمثيلية كل طرف في المجلس لا من رئاسة البلدية ويستند الضيفي في ذلك الى الفصل 255 من مجلة الجماعات المحلية الذي يجيز لنصف المجلس البلدي إصدار لائحة سحب الثقة من رئيس البلدية يوافق عليها بأغلبية ثلاثة أرباع المجلس البلدي بما يعني أن التحالفات البلدية هي ظرفية وربما بإيعاز من مركزية الأحزاب دون احترام واقع المحليات مالم تكن تحالفات بالإكراه. حالة صحية في المقابل يشدد الناشط السياسي والنائب المؤسس رابح الخرايفي على أن الواقع المحلي في العمق خال من مفاهيم المعارضة والحكم وذلك لأن البلديات دورها محصور في الخدمات وليس سياسيا بما يعني أن النظر الى التحالفات البلدية وفق أدوات قديمة تستهجن تحالفات الأضداد ينم في رأيه عن نقص في نضج تجربة العمل البلدي من ناحية ومحاولة نقل الصراعات الوطنية المركزية الى المحلي من ناحية أخرى.ويرى الخرايفي في نظرة الأحزاب الى البلديات كمنصة سياسية للتموقع في قادم الاستحقاقات. وهي فكرة نظرية يحتاج تفعيلها الى توجيه أفضل الخدمات على اعتبار أن المواطن البسيط في الدوائر المحلية لا يكترث كثيرا بصراع الأفكار السياسية إن وجد. بل يتأثر بمختلف الخدمات التي يرنو الى الارتقاء بها. ويخلص الخرايفي الى أن ما يسمى بتحالفات الأضداد وتوسيع التوافقات في المجالس البلدية حالة صحية محمودة يشترط نجاحها توفر جملة من الآليات من بينها اشتغال كل المكونات السياسية على مفهوم العيش المشترك الذي يعني قانونا المشترك الأدنى الذي يتفق حوله كل الطيف السياسي على غرار مشروع الدولة المدنية إضافة الى تحصين المجال المحلي الخدماتي من إمكانية توظيفها من قبل الأحزاب لصالح مشاريع مجتمعية.