هو أبو سعيد سحنون بن سعيد بن حبيب التنوخي. وقال أبو العرب التميمي : وله أخ يقال له حبيب أسنّ منه، سمع من ابن الاصم وابن فروخ، وكان ثقة صالحا، وروى عنه أخوه. وقد جمع الناس أخبار سحنون مفردة ومضافة وممن ألّف فيها تأليفا معروفا، أبو العرب التميمي، ومحمد بن حارث القروي. أخذ سحنون العلم بالقيروان عن مشايخها : أبي خارجة، وبهلول، و علي ابن زياد، وابن أبي حسان، وابن غانم وابن أشرس، وابن أبي كريمة، وأخيه حبيب، ومعاوية الصمادحي وأبي زيد الرعيني. علمه وقضاؤه ورحل في طلب العلم أول سنة (188ه) ثمان وثمانين ومائة. فيما قاله أبوالعرب وابن حارث. وقال ابنه : خرج الى مصر أول سنة (178ه) ثمان وسبعين، في حياة مالك، ومات مالك وهو ابن ثمانية عشرة عاما او تسعة عشرة. وكانت رحلته الى ابن زياد بتونس وقت رحلة ابن بكير الى مالك. وسمع سحنون في رحلته الى مصر والحجاز من ابن القاسم، وابن وهب، وشعيب بن الليث، ويزيد بن هارون. قال محمد بن أحمد بن تميم في كتابه: كان سحنون ثقة حافظا للعلم، فقيه البدن، اجتمعت فيه خصال قلّ ما اجتمعت في غيره، من الفقه البارع والورع الصادق، والصرامة في الحق، والزهادة في الدنيا، والتخشّن في الملبس والمطعم والمشرب، والسماحة. وكان لا يقبل من السلاطين شيئا، وربما وصل أصحابه بالثلاثين دينارا او نحوها ومناقبه كثيرة. وولي سحنون قضاء افريقية عام 234ه ولم يزل قاضيا الى ان مات. قال أبو العرب : لما عزل ابن أبي الجواد قال سحنون : اللهم ول هذه الأمة خيرها وأعدلها. فكان هو الذي ولي بعده. وفاته لم يختلف أن سحنون توفي في رجب سنة 240 أربعين ومائتين. قال أبو علي : يوم الاحد، قبيل نصف النهار لثلاث خلون منه. وقال غيره : لسبع خلون منه. ودفن من يومه، وصلّى عليه الأمير محمد بن الأغلب. ووجه اليه بكفن وحنوط، فاحتال ابنه محمد حتى كفّنه في غيره وتصدّق بذلك. قال سليمان بن سالم : لقد رأيت يوم مات سحنون مشايخ من أهل الأندلس يبكون ويضربون خدودهم كالنساء ويقولون : يا أبا سعيد! ليتنا تزودنا منك نظرة نرجع بها الى بلدنا. قال بعضهم لأبي بكر الحضرمي : رأيت في نومي رجلا صعد الى السماء الدنيا، ثم من سماء الى سماء حتى صار تحت العرش، فقال ينبغي ان يكون هذا سحنون. فقال الرائي : هو ذاك.