ما هي أسباب التوحد؟ قد يحلو للبعض أن يربط ظهور هذا المرض بالعوامل الوراثية وهو صحيح إلى حد ما ولكن بم نفسّر هذا الارتفاع المهول في نسب الإصابة من سنة لأخرى؟ في جانفي 2016 انعقد مؤتمر دولي حول التوحد في فرنسا حضره مختصون وباحثون من كل أصقاع العالم وقد خلص إلى الأسباب الحقيقية لهذا المرض والذي لخصه في التسمم سواء بالمبيدات بأنواعها أو المعادن الثقيلة أو التسمم الكهرومغناطيسي أو التسمم بالمواد البلاستيكية. تعرف البلدان المصنعة ارتفاعا مثيرا لحالات التوحد مقارنة ببلدان الجنوب وهذا مردّه التسمم البطيء بالمعادن الثقيلة وأساسا الرصاص والزئبق المتواجد في الهواء وكذلك مختلف الخلطات خصوصا المستعملة في طب الأسنان كالزئبق والفضة و والقصدير ... والمواد الموجودة في السجائر (الكادميوم) واللقاحات مثل الألمنيوم والزئبق. كما تبيّن من خلال دراسات قامت بها معاهد مختصة في إنكلترا أن هناك عوامل تساعد على ظهور التوحد من ذلك السمنة لدى المرأة الحامل وهذا يجرنا إلى النظام الغذائي العصري. بالنسبة للمبيدات : عديدة هي المبيدات المستعملة في الزراعة والمتهمة بكونها تسبب التوحد وغيرها من أمراض الأعصاب كمرض باركنسن وألزهايمر والتصلب المتعدد ولعل أهمها مادة Roténone . أما المواد البلاستيكية فنذكر مواد الفتالات Phtalates والتي توجد في آلات معامل صناعات الأغذية وتتسرب إلى الطعام الجاهز أو المصبر وأهمها مادة BBP التي منع استعمالها في لعب الأطفال بأوروبا. كما أن البلاستيك الذي يستعمل في الرضاعات من نوع Bisphénol A والذي منع استعماله منذ سنتين (بعد عقود من الاستعمال) لمخاطره الصحية العديدة يمكن أن يساهم هو الآخر في ظهور مرض التوحد. من بين الأسباب الأخرى نذكر الملوثات الدقيقة التي تنتشر في الهواء الذي نستنشقه سواء عند التنقل أو في المصانع ومواقع العمل أو حتى في المنزل وقد أكدت ذلك مؤسسة Nurses Heath Study كما أن مشاهدة التلفزيون لمدة طويلة والتعرض للموجات الكهرومغناطيسية وكثرة استعمال الآلات الإلكترونية متهمة في المساهمة في التسبب في الإصابة. مرة أخرى يتضح أن نمط العيش العصري غذاء ولباسا ومحيطا ورغم ما يوفره من وسائل الترفيه ومن تقنيات فهو أيضا مجلبة لعديد المخاطر خصوصا منها الصحية والتي تهدد الأجيال الحاضرة وبالأخص القادمة وهو ما يستدعي مراجعات جوهرية.