يخّلف تقلّب المواقف السياسية والانتقال من حزب إلى آخر أو أكثر أو بين الكتل البرلمانية صورة نمطية لدى المواطن تعرّي منسوب الانتهازية في المشهد السياسي حيث دفع رئيس الجمهورية في حديثه الاخير نحو سن قانون لتطويق ظاهرة السياحة الحزبية؟ فكيف نشأت هذه الظاهرة وتطورت وماهي السبل الانجع لتلافيها؟ تونس(الشروق) وتشير الاحصائيات البرلمانية الى عملية الانتقال بين الكتل البرلمانية خلال الدورات البرلمانية الاربع فاق ثلث النواب حيث تنقل 74 نائبا من اجمالي 2017 من كتلة الى اخرى ومن بينهم نواب انتقلوا اربع مرات في 4 سنوات. الانتهازية السياسية وهذا العدد الضخم من عمليات الانتقال بين الكتل دون احتساب التنقل بين الاحزاب خلف انطباعا عاما لدى عموم المواطنين يتهم السياسيين بفقدان اخلاقيات العمل السياسي وبالانتهازية واللهث المتواصل وراء الكراسي والمصالح الشخصية بل ويتغذى هذا الانطباع مما يروج في أروقة النواب من اتهامات مستمرة من قبل نواب لزملائهم تحت قبة البرلمان بالخضوع لمنطق البيع والشراء والابتزاز والضغوطات وتحريك الملفات لقلب التوازنات في كل مرة، فكيف اذن نشأت هذه الظاهرة قبل الخوض في سبل تلافيها؟ التخلي عن قانون 1969 ويرى نائب المجلس الوطني التأسيسي ان النقاش العام حول القانون الانتخابي اتجه في 3 اتجاهات بين منع السياحة الحزبية أو تقنينها أو ترك المجال فيها مفتوحا من منطلق تعامل الكتل البرلمانية وفق تمش ديمقراطي منوها الى ان القانون الانتخابي السابق لسنة 1969 والذي وقع تعطيل العمل به كان يقضي في فصله 19 بما يسمى بالوكالة الالزامية بحرمان النائب من العضوية في مجلس الامة في حال الخروج الطوعي من الحزب أو الطرد منه حيث كان احمد المنستيري اول المعاقبين به. وعلى هذه الشاكلة فان النفس الديمقراطي الذي جاء به القانون الانتخابي الجديد اقتضى منع التدخل في وضعية الترحال السياسي او مايعرف بالسياحة الحزبية من منطلق حرية الاختيار والانتماء والانتقال سيما وان التجربة الديمقراطية لا تزال في دينامكية جارية على أرضية متحركة. المشكل في الأحزاب ومن الاسباب الاخرى التي تفسر عمليات الترحال السياسي هي وضعية معظم الأحزاب السياسية في تونس والتي يضيق الافق فيها وسط مناخات متعكرة تنفر المنتسبين اليها منها نحو التموقع في خانة المستقلين او الانتماء الى احزاب اخرى قريبة من توجهات المغادرين، وفي هذا السياق يرى النائب الصحبي بن فرج بوصفه خاض تجربة الانتقال من حزب نداء تونس الى مشروع تونس ثم الى كتلة الائتلاف الوطني ان الحديث عن السياحة الحزبية تسبقه ضرورة الخوض في مسألة «السياحة الموقفية» التي تهم الاحزاب أولا. واعتبر بن فرج أن عددا من الاحزاب السياسية انقلبت في مواقفها وغيرت من خطها السياسي في اتجاه البحث عن الصفقات والمناصب والكراسي على غرار حزب نداء تونس الذي يشدد عدم حصوله على 86 نائبا لو انه اعلن من البداية التحالف مع حركة النهضة. ويشدد بن فرج على رفضه المبدئي للسياحة الحزبية لكن بشرط تكوين احزاب ثابتة وغير ملتفة على المصالح الشخصية الضيقة بشكل يعزز التمشي الديمقراطي ويؤسس لمنع السياحة الحزبية وذلك على اعتبار أن النائب او المنتسب الى حزب في الغالب لا يخير المغادرة الا اذا ضاقت الآفاق داخل حزبه لانه ببساطة ليس مجرد عنصر في باتيندا كما يقول. ويساند الخرايفي هذه الفكرة مفترضا في الاحزاب السياسية ضرورة اختيار نواب متشبعين بفكر الدولة وبفكرة الالتقاء على تنفيذ برنامج وليس وفق منطلقات شخصية او مصالح متبادلة منوها الى ضرورة الفصل في الحديث عن السياحة الحزبية بين شق يلجأ لها بسبب انسداد الافاق في حزبه وبين اخرين تحركهم الانتهازية والابتزاز والمصالح الشخصية، فكيف السبيل اذن لتلافي هذه الظاهرة ؟ تعديل نظام الاقتراع من جهته يرى استاذ القانون الدستوري امين محفوظ انه لا يمكن التنصيص في نص القانون على منع السياحة الحزبية طالما وان النائب يدخل البرلمان ممثلا للشعب لا للأحزاب وفق الفلسفة العامة في تسمية البرلمان بمجلس نواب الشعب. ويشدد محفوظ انه لو اردنا معالجة الظاهرة لن يكون ذلك سوى بتغيير طريقة الاقتراع حيث ان نظام الاقتراع الحالي القائم على مبدأ التمثيل النسبي في رأيه يشجع على تكاثر الاحزاب السياسية وتعدد الزعامات و الانتقالات البينحزبية او بين الكتل البرلمانية. واضاف امين محفوظ ان الغريب في الامر ان رئاسة الحكومة اعدت مشروع قانون لتنقيح القانون الانتخابي حافظت من خلاله على طريقة التمثيل النسبي وكان من الاجدر في رأيه القضاء نهائيا على السياحة الحزبية باعتماد طريقة الاقتراع بالاغلبية على القائمة او الافراد في دورتين لتحقيق ثلاثة عناصر مهمة وهي توفير الاستقرار السياسي و تحمل السياسي للمسؤولية كاملة والقضاء على السياحة الحزبية و مجالات الانتهازيسي أكثر من 70 نائبا متهمون بالترحال شهد البرلمان مايزيد عن 70 حالة انتقال بين الكتل شارك فيها العديد من النواب وعلى رأسهم نواب كتلة نداء تونس وفي مايلي ابرزهم: ليلى الشتاوي - خميس قسيلة – نور الدين بن عاشور- وليد جلاد – ليلى الحمروني – محمد الراشدي – ليلى اولاد علي – زهرة ادريس – صلاح البرقاوي – توفيق الجملي – يوسف الجويني –ليلى الزحاف- رضا الزغندي – سعاد الزوالي – احمد السعيدي – منصف السلامي –– عبد الرؤوف الشريف – الناصر الشنوفي – محمد الطرودي – محمد انور العذار – هاجر العروسي – سهيل العلويني – صابرين القوبنطيني – عصام الماطوسي – عبد الرؤوف الماي – فاطمة المسدي – كريم الهلالي – علي بالاخوة –حسونة الناصفي – نواب الوطني الحر – ليليا يونس الكسيبي– محمد الهادي قديش- الطاهر فضيل جلال غديرة – عبد الناصرشويخ – نادية زنقر – نزهة بياوي – مروى بوعزي – سماح بوحوال – مريم بوجبل – علي بالنور – ناجية عبد الحفيظ خولة بن عائشة – رابحة بن حسين – مصطفى بن احمد – منذر بالحاج علي – هاجر بالشيخ احمد