أعلن حسام الشوبتي مدير الأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة عن انطلاق عمليات تدقيق واسعة لتطور أسعار المنتوجات الحرة للتصدي لأي شطط غير مبرر في الأسعار كما أكد في حوار مع «الشروق» توجه وزارة التجارة نحو تشديد العقوبات الردعية لضرب الاحتكار. الشروق تونس: وتطرق الشوبتي إلى أن الفترة الأخيرة شهدت غلق 200 محل تجاري وذلك بالتوازي مع رفع محاضر عدلية للقضاء. وأشار من جهة أخرى إلى تراجع ملحوظ للمضاربة في سوق المواد المدرسية عقب حملات واسعة أفضت إلى حجز أكثر من 60 ألف كراس مدعم. والحوار الذي تناول أيضا ملف المضاربة في سوق السجائر والتلاعب بالمواد المدعمة بدأ بهذا السؤال: فيما تؤكد الحكومة التزامها بتجميد أسعار المواد الأساسية فإن المواطن يحترق يوميا بالزيادات المتواترة في أسعار المنتوجات الخاضعة لحرية الأسعار والتي تمثل أغلبية المنتوجات الاستهلاكية ألا توجد تدابير عملية لوقف هذا النزيف؟ نحن بصدد إنجاز أبحاث قطاعية معمّقة لمقارنة الزيادات في أسعار المواد الحرة مع تطور كلفة الإنتاج تمهيدا لاتخاذ التدابير الردعية الملائمة إزاء المغالاة في الأسعار. يشكو المستهلك اليوم من استفحال الغش في الأسواق وخاصة تفاقم ظاهرة عدم إشهار الأسعار التي تخفي عادة زيادة في السعر فما الذي يحول دون القضاء على هذه الظاهرة؟ عموما هناك اليوم تحسن ملحوظ لعنصر الشفافية في الأسواق مقارنة بسنوات ذروة الانفلات.. هذا لا يعني أن المخالفات غير موجودة. ومن هذا المنطلق نحن نعول على تنويع أساليب المراقبة لردع مخالفة عدم إشهار الأسعار التي كانت محل حملة خصوصية واسعة في بداية هذا العام. وشملت كل القطاعات بما في ذلك الملابس الجاهزة والمطاعم والمرطبات. وأفضت إلى تحرير 882 محضرا. وهذه الحملة مثلت دعامة للمجهود اليومي للمراقبة في كامل أنحاء البلاد .وقد أمكن خلال المدة المنقضية من هذا العام من رفع قرابة 7 آلاف مخالفة تتعلق بعدم إشهار الأسعار. لكن رغم العدد الكبير من المخالفات التي ترفع سنويا هناك زيادة في ارتكاب المخالفات... هل تعود تلك إلى قصور في العقوبات؟ كل مخالفة اقتصادية هي موضوع محضر عدلي يرفع إلى القضاء. لكن المشرّع يكفل للإدارة اتخاذ عقوبات ردعية موازية للمحضر العدلي وأساسا غلق المحلات الذي تظهر التجربة أنه أنجح سلاح في مقاومة الغش والممارسات الاحتكارية. وتبعا لذلك اتجهت وزارة التجارة مؤخرا إلى تفعيل عقوبة الغلق بالتعاون مع سلك الولاة.. وهو ما أفضى إلى غلق أكثر من 200 محل تجاري علما أن هذا التوجه سيتدعم في المدة القادمة لفرض شفافية المعاملات التجارية في كل مسالك التوزيع. يعاب على جهاز المراقبة الاقتصادية أنه يركز على التجار الصغار. ويهمل المنابع الكبرى للغش وأساسا المساحات التجارية الكبرى التي تستغل موقعها لفرض هوامش ربح مشطة؟ المراقبة لا تستثني أي حلقة من حلقات التوزيع أو الإنتاج بما في ذلك المساحات التجارية الكبرى التي تخضع لمتابعة يومية عن طريق فرق رقابة مختصة في هذا الصنف من الفضاءات. وكل مخالفة ترفع إلا وتكون موضوع محضر عدلي. تشكو مسالك التوزيع منذ عدة أيام من فقدان مادة الحليب واستفحال الممارسات الاحتكارية مثل البيع المشروط كيف واجهت المراقبة الاقتصادية هذا الوضع؟ واجهناه بتكثيف عمليات المراقبة في كافة أنحاء البلاد. وهو ما مكّن من مصادرة أكثر من 20 ألف لتر من الحليب بالتوازي مع رفع محاضر للقضاء الأمر الذي مكن من تحقيق تحسن ملموس للتزويد بمادة الحليب مقابل تراجع الممارسات الاحتكارية. بداية الخريف شهدت أيضا بروز الممارسات الاحتكارية في سوق المواد المدرسية وأساسا اختفاء الكراس المدعم. وهو ما جعل العائلات تتكبد نفقات إضافية؟ ظهور المضاربة في سوق المواد المدرسية تزامن مع الأيام الأولى للعودة المدرسية لتبدأ الأوضاع لاحقا في التحسن بصفة تدريجية وذلك عقب تشديد الرقابة التي مكّنت من مصادرة 60 ألف كراس مدعم كانت موضوع ممارسات احتكارية بالتوازي مع حجز كميات متفاوتة من أصناف المواد المدرسية بسبب إخلالها بالمعايير الصحية. ما إن بدأت سوق السجائر تتحسن نسبيا على مدى العام الأخير حتى عادت الممارسات الاحتكارية بقوة منذ نحو شهر مع فقدان العلامات المحلية وصعود الأسعار بشكل مشط. فما الذي يحدث في سق السجائر؟ هذا الملف يحظى باهتمام خاص من قبل جهاز المراقبة الاقتصادية الذي يركز منذ مدة على تجفيف منابع المضاربة من خلال جرد واسع لكل رخص التوزيع مكن من سحب 65 رخصة توزيع «قمرق» تبيّن أن أصحابها لا يمتلكون محلات أصلا أو يعمدون إلى التفويت في حصة السجائر لشبكات المضاربة. وهذا المجهود يتم بالتوازي مع مصادرة الكميات التي تكون موضوع ممارسات احتكارية. حيث شهدت العاصمة لوحدها حجز أكثر من 150 ألف علبة سجائر منذ بداية العام. لكن يجب الإقرار في المقابل بأن جهود الرقابة تحتاج إلى إصلاحات هيكلية لغلق الثغرات القائمة في منظومة توزيع السجائر والاختلال بين العرض والطلب. نأتي الآن إلى ملف الدعم الذي يختزل عدة ممارسات احتكارية تسببت في نزيف حاد في نفقات الدعم.. أين الخلل؟ وجود سعر حقيقي وسعر مدعم يفتح الباب بطبعه للمضاربة أو استعمال المواد المدعمة في غير أغراضها. وما لاحظناه هو أن المضاربة تزداد كلما توسع الفارق بين السعر الحقيقي والمدعم.. وهو ما يقتضي التحرك لأنه أنجع الحلول لسد هذه الثغرة. لكن يجب التذكير في المقابل بأننا تقدمنا كثيرا في تجفيف منابع المضاربة في الفترة الأخيرة من خلال تشديد العقوبات إزاء المخالفين وأساسا الحرمان من التزود بالمواد المدعمة الذي شمل 150 مخبزة بالنسبة الى مادة الفارينة المدعمة و214 تاجر جملة وتفصيل بالنسبة الى الزيت والسكر.. كما شهدت المدة المنقضية من هذا العام مصادرة 5265 طنا من المواد المدعمة ورفع 1312 مخالفة لتراتيب الدعم منها 611 في قطاع المخابز و235 لدى تجار الجملة والتفصيل و483 في المطاعم.