المواطن الإعلامي نحن بحاجة إلى مشهد اتصالي جديد لإبراز صورة تونس في الخارج، فالصياغة الإلكترونية الجديدة في نشر الأخبار مدعمة بصور بإمكانها أن توفر الفرصة لإظهار الأشكال المستحدثة من تبادل المعلومات وتدعيم التواصل. إنه الإعلان عن ميلاد منظومة إعلامية تواصلية جديدة بديلة تشكل مشهدا اتصاليا تشاركيا جديدا كفضاء للتسويق وتغيير بعض الصور النمطية التقليدية للبلاد. اليوم كل مواطن تونسي هو باث للمعلومة، كل ناشط جمعياتي هو ناشر للمعلومة،نشر المعلومات وإبراز صورة البلاد من الكل إلى الكل "from many to many" وذلك بالاعتماد على مواطنين إعلاميين مدونين مدافعين عن الهوية والانفتاح. كل مواطن يخضع معلوماته إلى الغربلة إلى المراجعة دون توظيف سياسوي أو إيديولوجي. إن انشاء مواقع إلكترونية مثلا يعتمد على الفعل وردة الفعل هي الية من أليات الذكاء الجماعي حيث يقع التهذيب الجماعي لكل المعلومات والأفكار وبالتالي يمكن نشرها بصفة مشتركة في الشبكة دون أن تحظى بنوع من التشكيك في صحتها أو في مصداقيتها. إن تفعيل إنتاج الصورة المشتركة عن البلاد في قاعدة معلومات ومواقع إلكترونية أو برامج ثقافية حيث تتيح الفرصة في رسمها للمجتمع المدني والجمعيات والمنظمات الناشطة في الخارج من شأنه أن يحفز الرغبة في المشاركة وتوفير صورة أقل "ظلامية" عن البلاد، تلك الصورة التي تسوق لها وسائل إعلام معادية أو مأجورة ... لنسميها ما شئنا. هذه المواقع الالكترونية التشاركية التي تعتمد على التفاعل من شأنها أن تجبر المتفاعلين على التعود على الالتزام الذاتي والمسؤولية الاجتماعية.إن المستهلك للمنتوج الإعلامي الاتصالي لم يعد كائنا متصلبا كما يتبادر للبعض بل أصبح التونسي واعيا بالمتغيرات التي نعيشها بكل تفاصيلها وخلفياتها. إذا نحن بحاجة إلى ثقافة اتصاليه بديلة تعتمد على التكنولوجيات الحديثة كفضاء مفتوح يشارك فيه الكل بدون إقصاء وتتوضح فيه الرؤى ويكشف فيه الغث من السمين وربما أيضا من" يتأبط شرا " كثير من الأصوات تنادي اليوم إلى التفكير الجاد في كل ما هم بديل من خلال تغذية تموقع المجتمع المدني والجمعيات الناشطة بالخارج خاصة كآلية للمشاركة في أخذ القرار دون رفض بداهة دور المؤسسات الرسمية ذات العلاقة نخص بالذكر خاصة: الديبلوماسية الاقتصادية الديبلوماسية الثقافية الديبلوماسية الاجتماعية تشريك جمعيات التونسيين بالخارج لتغيير صورة تونس: أعتقد أننا نتفق أن الدولة بمفردها لن تكون قادرة على وضع خطط وبرامج لتغيير صورة البلاد في الخارج بالنظر إلى التكلفة المادية باهظة جدا في ظروف استثنائية دون تشريك المجتمع المدني الناشط بالخارج وكافة مكونات الشرائح المهاجرة. حيث تعد الجالية التونسية بمختلف تركيباتها أحد المكونات الأساسية لمثل المهمات يمكن اعتبارا لمجتمع المدني الناشط بالخارج رأس مال متعدد الأوجه والأشكال والتي تجمع مكوناته – الكفاءات والفنانين والعملة ورجال الأعمال والطلبة والرياضيين والعملة وأصحاب الجنسيات المزدوجة من الجيل الثاني والثالث والرابع. جمعية الوحدة من أجل تونس وعلى سبيل المثال هناك جمعيات تميزت بنشاطها المكثف في فرنسا نجد جمعية الوحدة من أجل تونس بقرونوبل فبعد بعثها الملتقى السنوي '' أيام تونس بغرونوبل '' منذ أربع سنوات والذي لا يزال قائم الذات ، ، بادرت جمعية الوحدة من اجل تونس وبالشراكة مع المجتمع المدني الفرنسي و التونسي الناشط بالخارج، ببعث ملتقى سنوي جديد تحت عنوان '' الوجهة...تونس '' من أهم أهدافه الترويج لتونس كوجهة استثمارية و ثقافية و سياحية وتطوير العمل الجمعياتي التونسي بالخارج و تعزيزه بما يدعم الدور الموكول له في دفع مسار التنمية في البلد الأصل . كيف يمكن للهياكل الرسمية التنسيق مع المجتمع المدني الناشط بالخارج؟ من خلال الدبلوماسية الاجتماعية الموازية ذات المقاربة الاجتماعية والثقافية لإعطاء ملامح تنظيمية جديدة تبحث عن الفاعلية والجدوى، المبادرة بوضع صيغ تنسيقية تشاركية بين الجمعيات بالمهجر أو ما يمكن تسميته بالشبكات الجمعيات، لماذا نشرك المجتمع المدني الناشط بالخارج؟ للبحث عن قواعد تنظيمية تشاركية جديدة إضافة إلى القواعد التنظيمية الرسمية (كل الهياكل الرسمية والأطراف ذات العلاقة) لمسنا من خلال دراستنا الميدانية أن الجمعيات الناشطة بالخارج وجميع الفئات السالفة الذكر تطمح إلى تحقيق هوية اجتماعية وطنية إلى ذواتهم وإلى أبنائهم خاصة من خلال تشريكهم في ضبط البرامج والخطط والاستراتيجيات التي تخص الشأن العام والشأن التنموي والشأن الثقافي في بلد المنشأ. فكثير من جاليتنا بالخارج تعيش تمزقا واغترابا ولا يشعرون بالانتماء إلى بلد الاستقبال مقابل الإحساس بنوع من الفجوة مع البلد الأصل وبالتالي هم يبحثون على وضعية اجتماعية مميزة في علاقتهم ببلدهم، دائما حسب دراستي الميدانية: الجالية التونسية تقارن نفسها بالجاليات الأخرى (المغرب، لبنان) على أساس أوجه الشبه بين الجاليتين (الظروف الاجتماعية، اللغة والخصوصية الثقافية...) وبالتالي هم يبحثون عن التمييز الإيجابي من خلال رغبتهم مثلا في رؤية الجالية التونسية أفضل من الجاليات التي تشبهها وهذا مؤشر جيد على الاستعداد للدفاع عن صورة البلاد وبالتالي خلق: توازن النسق الاجتماعي واستقراره ووحدته للتونسيين المقيمين بالخارج. خلق نسيج اجتماعي قادر على إعادة إنتاج نفسه في بيئة غير بيئته وفي جغرافيا غير جغرافيته. التعريف بالمعارف الحضارية التونسية. انفتاح تونس وعلاقتها الخارجية وتوازن تلك العلاقات: إن الديبلوماسية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتمثلات الاجتماعية ذات العلاقة بالجمعيات ونشطاء المجتمع المدني ستصبح البديل في صيغة تشاركية وستعوض منظومة اتصاليه نعت سابقا بأنها سلبية الأداء وستلتحم بالتالي بالوسائط الاتصالية التقليدية خدمة لصالح البلاد والعباد إن التحام الهياكل الرسمية ذات العلاقة بالديبلوماسية بصفة عامة والمجتمع المدني سترسخ الممارسة الديمقراطية،هنا لا بد من ترجمة هذا المعطى الجديد من خلال الاعتراف الرسمي بهذا الشكل الجديد من التسويق أو من ابراز وتحسين صورة البلاد والتعريف بمخزونها الاستثماري الثقافي التاريخي الحضاري ... وبقدرتها على التنسيق والعمل مع بعض في بلد خطى خطوة نحو الحريات "استثمار تصنيف تونس كأول بلد عربي وإفريقي حر " لقد وضع " آدم سميث " أسس علم الاقتصاد في كتابه "ثروة الأمم "وثروتنا تتمثل في طاقاتنا البشرية الشبابية ومن خلال تشريك كل التونسيين المقيمين بالخارج خاصة يتكون الإحساس بالجماعة والمواقف المشتركة بين الجماعة ويمكن أيضا تسميته ب DIASPORA" " فنحن لدينا نزوع دون ان نشعر إلى الاحترام المتبادل ضمن الجماعة. إن دور الديبلوماسية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية تسهم في تعزيز الإحساس المشترك بأهمية العمل والمثابرة لتحسين صورة البلاد وبالتالي سوف نقضي على الانعزال الثقافي او السياسي ... (خاصة وأن بعض الأصوات من الخارج تنادي من الآن وتهدد بعدم المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة) إن إدارة الديبلوماسية بكل أشكالها ليست بالأمر الهين وعلينا أن نستنبط ملامح تنظيمية جديدة للتعريف والتحسيس بصورة تونس وخطط واستراتيجيات جديدة متجددة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع. *باحث في الهجرة