أعرب منظمو مظاهرات «السترات الصفراء» في فرنسا، أنهم لا يرون إجراءات الحكومة الفرنسية كافية بالنسبة لهم بعد الوعود بتعليق لرفع ضرائب الوقود مؤكدين انهم سيواصلون احتجاجاتهم الاسبوعية بشكل تصعيدي . باريس (وكالات) واكدت امس تقارير فرنسية انه رغم التنازلات التي قدمها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وحكومته أمام ضغط الاحتجاجات العارمة التي اجتاحت البلاد ولاسيما العاصمة باريس في الأيام الماضية، فإن قادة الحركة الاحتجاجية التي تعرف ب»السترات الصفراء»، أكدوا السير قدما في تحركهم التصعيدي. وردا على قرا رئيس الوزراء، إدوار فيليب، تعليق الزيادات المرتقبة على ضرائب الوقود لمدة ستة أشهر على الأقل، قال المتحدث باسم الحركة، بينجامين كوشي، لتلفزيون «بي.إف.إم»، امس، إن «الفرنسيين لا يريدون الفتات. بل يريدون الخبز». وأكد فيليب أن الحركة تريد إلغاء الضرائب وليس تعليقها، في حين تحدث مشارك آخر في الحملة يدعى كريستوف شالينكون بصراحة أكبر حين قال: «يعتقدون أننا حمقى»، مما يشير إلى إن تراجع ماكرون والحكومة لن يساهمان في تهدئة احتجاجات السترات الصفراء التي يحاول أصحابها الوصول إلى موقف موحد. وفي محاولة جديدة لاحتواء الاحتجاجات، لوحت الحكومة بمزيد من التنازلات، فقد قال المتحدث الحكومي، بنجامين غريفو، امس الأربعاء، إن الحكومة قد تغير موقفها من ضريبة الثروة، مشيرا إلى إمكانية إعادة النظر في هذه الاقتراحات إذا تبين أن الخطوة لا تجدي نفعا. وكانت الحكومة غيرت بعض معايير ضريبة الثروة فجعلتها تقتصر على صفقات الممتلكات الفاخرة والأصول العقارية، لكن هذه الخطوة أدت إلى انتقادات وصفت ماكرون بأنه «رئيس الأغنياء» لأنها خففت من عبء الضريبة على الكثير من الأثرياء في فرنسا. وبدأت الحركة التي تحمل اسم «السترات الصفراء» يوم 17 نوفمبر الماضي كمجموعة احتجاج على مواقع التواصل الاجتماعي، وركزت على التنديد بارتفاع كلفة المعيشة بسبب الضرائب التي فرضها ماكرون على الوقود. لكن على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية تحولت هذه الاحتجاجات إلى انتفاضة عامة أكبر ضد ماكرون، في ظل انتقاد كثيرين الرئيس لتطبيق سياسات يرون أنها تميل لمصلحة الأثرياء، ولا تفعل شيئا يذكر لمساعدة الفقراء. وذهب بعض الجماعات إلى حد مطالبة ماكرون بالاستقالة. ورغم عدم وجود قائد واضح للحركة وعدم وضوح أهدافها في بعض الأحيان، فقد اجتذبت أناسا من كل الأعمار والطبقات ولعبت على وتر الاستياء من التوجه الذي يحاول ماكرون أن يأخذ البلد إليه. وخلال اليومين الماضيين انضم سائقو سيارات الإسعاف والطلاب إلى الاحتجاجات، بل ونظموا احتجاجات خاصة بهم. وصعد الطلاب احتجاجاتهم ، امس ، مع ورود تقارير من مختلف أنحاء البلاد عن إضرام محتجين النيران في مبان واشتباكات عنيفة مع الشرطة. ومن جهتها اشارت صحيفة لوفيغارو وأشارت إمكانية انتقال عدوى الاحتجاج إلى صفوف المزارعين الذين يعانون من تشديد معايير الجودة، وارتفاع تكاليف الإنتاج . واضافت ان عدوى الاحتجاج انتقلت إلى صفوف تلاميذ الثانويات الذين يحتجون على إصلاح نظام التعليم، وطبع العنف والمواجهات مع رجال الشرطة مظاهراتهم. صحيفة لوفيغارو أشارت إلى تأثير ما يجري في فرنسا منذ السابع عشر من الشهر الماضي على الاقتصاد وعلى النشاط السياحي، وانتقدت لوفيغارو في الافتتاحية تأخر تعاطي لحكومة مع الاحتجاجات وقالت إنه يعرضها لخطر السقوط في المضاربة، وكل الخطابات التي نسمع اليوم والقادمة من كل الجهات تتوجه باللوم لسياسة الرئيس إيمانويل ماكرون بمجملها. رأي خبير الخبير السياسي الفرنسي جيروم سانت ماري: السترات الصفراء حركة شعبوية ولها ديناميكية غير متوقعة في التحرك الجماعي، وبالتالي من الصعب التنبؤ برد فعل حول إذا ما كانت ستتوقف المظاهرات أم لا... التدابير التي اتخذتها الحكومة ستعمل على تشتيت الحركة وانقسامها بين مؤيد ومعارض.