يتواصل الْيَوْمَ الاعتصام المفتوح لأساتذة التعليم الثانوي بمقرات المندوبيات الجهوية للتربية بمختلف ولايات الجمهورية احتجاجا على قرار وزارة التربية الاقتطاع من أجورهم على خلفية مقاطعتهم لامتحانات الثلاثي الأول . تونس (الشروق) ردا على إصرار وزارة التربية اعتماد نهج التصعيد ودعوتها المندوبيات الجهوية الى الشروع في الاقتطاع من مرتبات المديرين والمدرسين بسبب مقاطعتهم امتحانات الثلاثي الأول (الأسبوع المفتوح والأسبوع المغلق)، خرج أساتذة التعليم الثانوي في مسيرات حاشدة جابت شوارع مختلف الولايات قبل أن يدخلوا في اعتصامات مفتوحة داخل مقر المندوبيات الجهوية للتربية وخارجها باعتبار أن البعض منها أوصدت أبوابها في وجه المحتجين بإذن من وزارة التربية . «جيش الطباشير» أو كما لقبوا أنفسهم بأصحاب «السترات البيضاء» اعتبروا أن إقدام وزارة التربية على الخصم من أجورهم هو بمثابة إعلانها الحرب ضدهم التي لن يكونوا فيها خاسرين وفق تعبيرهم والتي سيجابهونها بكل الأشكال الاحتجاجية القانونية المتاحة محملين سلطة الإشراف المسؤولية كاملة في ما يمكن أن يترتب عن قراراتها «العشوائية» من تبعات . كما انتقد المحتجون الذين لقوا مساندة عريضة من المعلمين والنواب وكذلك التلاميذ تعمد الوزارة غلق بعض المندوبيات الجهوية للتربية لمنعهم من الدخول اليها والاعتصام بها مؤكدين أن ذلك لن يثنيهم عن مواصلة تحركاتهم في الشوارع دفاعا عن حقوقهم المغتصبة ورفضا للقرار «العشوائي وغير القانوني» المتمثل في الاقتطاع من رواتبهم باعتبار أن تأجيل الامتحانات ليس امتناعا عن العمل والدخول في اعتصامات لا يعني تعليق الدروس وفق تأكيدهم . وأوضح الأساتذة المحتجون أن وزير التربية أطنب في الإساءة اليهم وتشويه تحركاتهم من خلال وابل المغالطات الصادرة عنه في كل مرة في محاولة منه لتأليب الرأي العام ضدهم وشيطنتهم إضافة إلى إطلاق التهديدات تجاههم بشتى أنواعها وسط غياب أي مبادرات جدية للتفاوض وإيجاد حلول جذرية من شأنها امتصاص غضبهم وتجنيبهم مزيد التصعيد . وجدد أساتذة التعليم الثانوي تمسكهم بجملة المطالب التي تضمنتها لوائحهم المهنية ومواصلة تحركاتهم الاحتجاجية التي تحددها هياكلهم النقابية رافضين «أنصاف الحلول» وسياسة التطمينات التي لم تعد تجد نفعا وسط هذا الغضب العارم الذي بات يجتاح كافة العاملين في الشأن التربوي جراء الوضع المتردي للمؤسسات التربوية وللتعليم العمومي في غياب إجراءات فعلية لإنقاذه . وتوجه المحتجون برسالة شديدة اللهجة الى كل من وزير التربية والحكومة مؤكدين أن كل تصعيد من قبل الوزارة سيقابله تصعيد جديد من قبل المدرسين الذين لن يتراجعوا عن الدفاع عن مستحقاتهم كلفهم ذلك ما كلفهم داعين مختلف الهياكل المعنية الى التدخل العاجل لتطويق الأزمة بعيدا عن منطق المفاوضات المشروطة وسياسة لي الذراع وتحقير المدرسين وتهميشهم . الوزير يهدد بالقضاء كذب أمس وزير التربية حاتم بن سالم خلال حضوره افتتاح الندوة الوطنية حول المنظومة التربوية ما راج حول الشروع في الاقتطاع من رواتب أساتذة التعليم الثانوي قبل انتهاء الأسبوع المغلق مؤكدا أن ذلك يندرج في إطار الإشاعات المغرضة لتأجيج مشاعر المربين مجددا حرصه على تطبيق القانون على كل مدرس تعمد تعطيل الامتحانات . وأضاف حاتم بن سالم أنه بإمكان المدرسين الالتجاء الى المحكمة الإدارية للطعن في قرار الاقتطاع عوض اعتماد العنف واقتحام المندوبيات الجهوية للتربية مشيرا الى أنه من غير المقبول اقتحام مرفق عمومي بالعنف والقوة وإتلاف تجهيزاته ودفاتر تربوية وأن الوزارة ستعمل على تتبّع كلّ من يثبت تورطه في عملية الاقتحام قضائيا باعتباره عملا غير أخلاقي وغير مقبول. و عار على المربين القيام بذلك وفق تعبيره . وقال حاتم بن سالم إن فرصة التدارك موجودة وإن باب التفاوض مفتوح مع الجامعة العامة للتعليم الثانوي لإيجاد حلول ترضي الطرفين نافيا إصداره تعليمات بغلق المندوبيات الجهوية للتربية في وجه المحتجين . آراء ومواقف أكّد الأستاذ الجامعي والدكتور المختص في قانون الشغل حافظ العموري في تصريح إعلامي أنه لا يجوز لوزارة التربية الاقتطاع من أجور أساتذة التعليم الثانوي باعتبار أن مقاطعتهم الامتحانات تندرج في إطار الامتناع الجزئي عن العمل والخطأ المهني وليس إضرابا. والاقتطاع لا يكون إلا إثر إضراب وذلك وفق ما يقتضيه قانون الشغل. دعت التنسيقية الوطنية للأولياء والمربين كافة الأولياء الى مساندة التحركات الاحتجاجية للأساتذة ودعمهم الفعلي عبر مشاركتهم تجمعاتهم الاحتجاجية أمام المندوبيات الجهوية للتربية تنديدا «بسياسة الوزير وتصريحاته المغالطة والاستفزازية وتعمده تأليب الرأي العام ضد المدرسين والمربين بصفة عامة» .