وصف المسرحي محمد كوكة، لجنة الدعم المسرحي ب»البيروقراطية المشعوذة»، وذلك على خلفية رفض مسرحيته الأخيرة «الملك لير»، معتبرا، أن هذا الرفض إذا كان مردّه تقدمه في السن، فيا خيبة المسعى. تونس (الشروق) لم يتقبل المخرج والممثل المسرحي محمد كوكة، قرار لجنة الدعم المسرحي، المتمثل في رفض دعم عمله المسرحي الجديد، «الملك لير»، نص عز الدين المدني وإخراج محمد كوكة وإنتاج شركة «الملقن الحرّ»، وبانفعال كبير، تحدث كوكة في هذا الحوار كما لم يتحدث من قبل، مستغربا قرار اللجنة ومتسائلا عن مرجعياتها ورصيدها المعرفي الذي يخول لها الحكم على نص المدني وعلى الرؤية الإخراجية لمحمد كوكة. علمنا أنك غاضب جدا من لجنة الدعم على خلفية رفضها لمسرحيتك «الملك لير»؟ أجل فبكل استخفاف وعدم اكتراث رفضت اللجنة دعم مسرحية «الملك لير» إخراج محمد كوكة عن نص لعز الدين المدني، الذي تألق ورشح لجائزة نوبل جائزة نوبل، وقدمت له عديد المسرحيات، في مسيرة ناجحة تمتد قرابة خمسين عاما من الكتابة، وبالنسبة لمسيرتي تجاوزت 50 عاما، فأول عمل قدمناه «حمودة باشا والثورة الفرنسية» وحصل على دعم من وزارتي الثقافة بتونس وفرنسا، وبمشاركة ممثلين فرنسيين وذلك سنة 1989 بمناسبة مرور 200 سنة على اندلاع الثورة الفرنسية، ثم قدمنا «قرطاج لماذا؟» وسنة 2010 مسرحية «ابن خلدون: على البحر الوافر» التي مثلت فيها إلى جانب منصف السويسي وهشام رستم، وقدمت مسرحية «دراما» مع منصف بن مراد وكان عملا ناجحا بشهادة الجميع... رغم كل هذا يقع بكل وقاحة رفض ملف عملنا الجديد واقصاؤه من الدعم العام، لذلك أريد أن أفهم المقاييس والمعايير التي اعتمدتها اللجنة لإقصاء هذا المشروع. حدثنا عن مسرحية «الملك لير»؟ المسرحية على مستوى النص، هي اقتباس حر لعز الدين المدني عن مسرحية ل»توماس برنار»، وسماها المدني «الكينغ لير»، لأنها تحكي قصة ممثل «ستيني « يريد تجسيد شخصية الملك لير، ولذلك أراد مقابلة مدير المسرح «غودو»، وظل ينتظر لقاءه على أمل تجسيد الشخصية التي يحلم بأدائها إلى أن مات على كرسي وهو ينتظر، وفي المكان الخيالي التقى بإمرأة عجوز وممثل قزم وبعض النكرات... عموما عز الدين المدني قام باقتباس حرّ، ركز فيه على الكلام والتلاعب بالألفاظ ومناقشة الأسلوب العربي في تركيبة الجملة، مع أقل حركة وإعطاء مساحة لمفهوم العبث في الحياة، ومرور الزمن، أي العم قريب من المسرح العبثي. هذا التقديم أو الملخص، يخص النص، فماذا عن الرؤية الإخراجية؟ ارتأيت في هذه المسرحية توخي أسلوب يكون قادرا على مراجعة المفاهيم التقليدية والمصطلحات المعهودة، والبحث عن تجربة نوعية تجمع في آن واحد بين الواقع الحقيقي والتمثيل الإيهامي للواقع مع اجتناب التقليد الرخيص لتحسيس الجمهور بأن يكون واعيا بتقنيات العرض لأن الوعي المسرحي يؤدي إلى الوعي بالواقع التاريخي للمتلقي بعيدا عن الاسقاطات الرخيصة، والعمل على الجمع بين العقل والحدس. كل هذه الأطروحات والتساؤلات موجودة ضمنيا في مسرحية عز الدين المدني «دور الكينغ لير»، هذه الشخصية الاستعارية التي تبحث عن نفسها من خلال تجسيد «لير» الخيالية، وأنا أبحث اليوم عن مسرح يخاطب أعماق مشاعر الجمهور، وقادر على مخاطبة الإنسان في شموليته... فالعرض يشكل عملا إبداعيا مستقلا بذاته، وعلينا أن ننظر إليه كعملية جسدية مادية من ناحية وعملية مجازية استعارية من ناحية أخرى... معروف عنك أنك لست من المسرحيين الذين يتذمرون أو يتحدثون عن اللجان، فهل أن خروجك عن صمتك هو رفض أول عمل تقدمه؟ هل من المعقول أن تناقش لجنة مسرحية لمساعدة مسرحي قضى أكثر من نصف عمره في المسرح، حيث قدمت ومازلت عديد المسرحيات، وأدرت مدة 13 سنة عديد الورشات المسرحية؟ ما هي مرجعياتهم، ورصيدهم المعرفي الذي يخول لهم الحكم على محمد كوكة؟ هذه اللجنة يمكن لها أن تحكم على المبتدئين في الميدان وليس على عز الدين المدني ومحمد كوكة، فالعملية بالنسبة لي غير شرعية من ناحية التقييم المعرفي، وحتى من الناحية الأخلاقية، هذه مرآة على الوضعية المتردية في البيئة الثقافية في تونس، وعلى مسؤوليتي، هل تفقه هذه اللجان البيروقراطية المشعوذة في عالم العرض وجماليات العرض والأشكال؟... هل صحيح أنك تفكر في غلق شركة «الملقن الحرّ»؟ ربما ستتوقف الشركة عن العمل نهائيا لأنه ليس لديها رأس مال يمكنها من الاشتغال، رغم أن ذلك يحز في نفسي لأن شركة الملقن الحر، قدمت مسرحيات أعتز بها على غرار «دراما» و»شكسبير لماذا؟» و»ابن خلدون».. ستكون على الركح مجددا في العرض الأول لمسرحية «كاليغولا» لفاضل الجزيري مساء السبت الجاري بالفن الرابع؟ أجل، سأكون من بين الممثلين في مسرحية «كاليغولا» لفاضل الجزيري، التي كانت عبارة عن ورشة عمل، إحياء لذكرى وفاة المسرحي محسن بن عبد الله الأولى، الذي جسد أفضل الأدوار التي تقمصها في مسرحية كاليغولا مع علي بن عيّاد سنة 1961، وسيقدم العرض نظرة خاصة للجزيري ستفاجئ المتلقي، لذلك فالجمهور مدعو يوم السبت 22 ديسمبر 2018 بقاعة الفن الرابع لمشاهدة «كاليغولا» إخراج فاضل الجزيري وإنتاج المسرح الوطني التونسي بالشراكة مع شركة «الفيلم الجديد» لفاضل الجزيري.