مثل مشروع القانون الأساسي للميزانية وتأثيراته على استقلال السلطة القضائية وحقوق المتقاضين محور الندوة الصحفية التي عقدتها امس جمعية القضاة التونسيين بقصر العدالة بتونس. تونس الشروق : واوضح رئيس الجمعية أنس الحمادي في تصريح ل"الشروق " ان جمعية القضاة تتابع بحرص مشروع قانون الميزانية باعتباره دستور المالية العمومية و قال إن الفصل 19 من مشروع القانون الذي يحدد المجالات التي تعتبر كمهمّات خاصّة التي تعطى لها الاستقلالية الإدارية و المالية و ترصد لها مستقبلا في ميزانية الدولة أموالا تمكنها من تسيير نفسها بطريقة مستقلة عن السلطة التنفيذية وجب تعديله. و اضاف الرئيس الحمادي أنه و بالاطلاع على الفصل المذكور تبين أنه لم ينص على القضاء العدلي و القضاء الإداري كمهمّات خاصّة و بالتالي فإن توجه الحكومة نحو ابقاء القضاء العدلي و القضاء الإداري تابعين و خاضعين للسلطة التنفيذية فيه خرق للدستور لأن الدستور أرسى مبدأ الفصل بين السلطات و التكامل بينها و أرسى مبدأ استقلال السلطة القضائية. و في سياق متصل اوضح رئيس جمعية القضاة أن كل مكونات السلطة القضائية يجب ان تتمتع باستقلالية كاملة عن السلطة التنفيذية بما في ذلك المحاكم و المجالس الممثلة للسلطة القضائية. و اشار الى ان المشروع الأولي الذي صدر عن الحكومة لم يتضمن محكمة المحاسبات و لكن هناك مجهودا بذل من قبل لجنة المالية و تم إدراج محكمة المحاسبات كمهمّة خاصّة وهو أمر يثمن و يسجل بكل إيجابية و لكن هذا الجهد بقي منقوصا باعتباره لم يشمل القضاء العدلي و القضاء الإداري. وهذا التغييب من شأنه أن يفتح باب الارتهان للسلطة القضائية لأن ضمانات السلطة القضائية معروفة فهي ليست فقط في تحييد المسارات المهنية للقضاة على التدخل في السلطة التنفيذية و لكن كذلك في ضمان استقلالها المالي والإداري أي أنها تناقش و تحدد حاجياتها المالية امام مجلس نواب الشعب و تحاسب عليها أمامه دون تدخل لوزارة العدل أو لرئاسة الحكومة أو أي ممثل للسلطة التنفيذية. وفي جانب آخر تطرق رئيس جمعية القضاة إلى جملة التحركات التي قامت بها الجمعية حيث توجهت بطلب للقاء رئيس الحكومة وتنتظر أن تتم دعوة المكتب التنفيذي. كما جمعهم لقاء بوزير العدل لطرح هذه الإشكالية إلى جانب كما كان لهم لقاء مع وزير المالية ورئيس مجلس نواب الشعب و لقاءات مع كل الكتل النيابية و تم إقناع عدد كبير منهم بوجهة نظر الجمعية . وذكر رئيس الجمعية انه تم تقديم مقترح تعديل الفصل 19 من قبل كتلتين نيابيتين و قال انهم يرجون أن تتم المصادقة عليه. المرفق القضائي : وضعية كارثية وبخصوص وضعية المحاكم اوضح رئيس جمعية القضاة أنس الحمادي أنه منذ أكثر من 60 سنة و المحاكم ترزح تحت وصاية وزارة العدل و للأسف مازالت المحاكم تعاني من الكثير من النقائص من حيث البنية التحتية و الإطار القضائي و من حيث الإطار الإداري و الإمكانيات اللوجستية و المرفق القضائي في أدنى مستوياته رغم بعض المجهودات للنهوض به. واضاف الرئيس الحمادي أنه حتى من ناحية الحوكمة الرشيدة وحسن التصرف في المال العام تم الإبقاء على القضاء العدلي والقضاء الإداري تحت وصاية السلطة التنفيذية وهو أمر لا يساعد على ترشيد نفقات الدولة و لا يساعد على تفعيل مبادئ الحوكمة الرشيدة ومبادئ الشفافية. وهنا قال رئيس الجمعية انه في حال توجهنا بسؤال إلى وزير العدل :لماذا هناك بطء في إصدار الأحكام ؟ و ماهي أسباب التردي في مرفق العدالة؟ حتما سيجيبنا أن القضاة يتبعون المجلس الأعلى للقضاء و بدوره اذا توجهنا بسؤال للمجلس الاعلى للقضاء حول وضعية المحاكم فإنه سيجيب بأنها من مشمولات وزارة العدل.و بالتالي فإنه من المفروض ان يكون كل من القضاء العدلي والقضاء الإداري من المهام الخاصة التي يعهد بها إلى قاض اما الرئيس الأول لمحكمة التعقيب و الرئيس الأول للمحكمة الإدارية او تتم المراقبة و المحاسبة تتم من قبل بقية السلط . واشار الرئيس الحمادي إلى أن رؤساء المحاكم لا يساهمون ولا يتقدمون بأي مقترحات في حاجيات المحاكم وهي مسألة يتم اعدادها بصفة أحادية من قبل وزارة العدل و هو ما عمق عديد الإشكاليات في المحاكم على غرار النقص في الأوراق البيضاء والنقص في الملفات وهذه النقائص و غيرها تؤثر تأثيرا كبيرا على عمل القضاة و على ثقة المتقاضي بالقضاء و للأسف لا نجد من نحاسب لا وزارة العدل و لا المجلس الأعلى للقضاء فكليهما يحمل الآخر المسؤولية. و دعا رئيس جمعية القضاة أنس الحمادي في هذا الصدد عميد الهيئة الوطنية للمحامين و هياكل عدول التنفيذ و عدول الاشهاد و الخبراء للانضمام الى جمعية القضاة في مطلبها الأساسي في اعتبار القضاء العدلي والقضاء الإداري كمهمّات خاصّة و ضرورة النهوض بوضعية المحاكم و خاصة بناء سلطة قضائية مستقلة تخول لها تأمين مرفق عدالة في أقصى درجات النجاعة و تعود مصلحته بالأساس على المتقاضي.