سجن سنية الدهماني .. يتواصل    رقم مفزع/ من 27 جنسية: هذا عدد الأفارقة المتواجدين في تونس..    تونس تفوز بالمرتبة الأولى في المسابقة الاسكندنافية الدولية لزيت الزيتون    رئيس الحكومة في زيارة ميدانية للشمال الغربي للبلاد التونسية    مع الشروق .. إدانة... بنصف الحقيقة    الجم: أثناء تأدية عمله: وفاة عون «ستاغ» بصعقة كهربائية    قيس سعيّد يترأس جلسة عمل حول مشروع تنقيح هذا الفصل..    تنبيه/ تحويل ظرفي لحركة المرور ليلا لمدة أسبوع بهذه الطريق..    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    فقدان 23 تونسيا في'حَرْقة': ايقاف 5 متهمين من بينهم والدة المنظّم واحد المفقودين    التضامن.. الإحتفاظ ب3 اشخاص وحجز كمية من المواد المخدرة    الليلة: سحب عابرة ورياح قوية والحرارة تتراوح بين 16 و26 درجة    عاجل: وسائل إعلام رسمية: انتخابات الرئاسة في إيران ستجرى في 28 جوان    تنظيم أيام كندا للتوظيف بتونس يومي 19 و20 جوان المقبل    مدير عام ديوان تربية الماشية: النحل يساهم في ثلث غذاء الإنسان    والي بن عروس: فخور ب"دخلة" جماهير الترجي وأحييهم ب"عاطفة جيّاشة"    التوقعات الجوية لهذه الليلة    نابل: وفاة شاب واصابة 10 أشخاص في حادث خطير    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    عروض ثريّة للإبداعات التلمذيّة.. وتكريم لنُجوم الدراما التلفزيّة    وزيرة التجهيز تؤكد على جهود تونس في تحقيق التنمية بالجهات وتطوير الحركة الجوية بالمطارات الداخلية    الافريقي يرفض تغيير موعد الدربي    بودربالة يوجه الى نظيره الايراني برقية تعزية في وفاة إبراهيم رئيسي    وزارة التربية: هذه هي الانشطة المسموح بها بالمؤسسات التربوية خارج أوقات التدريس    إضراب عن العمل بإقليم شركة فسفاط قفصة بالمظيلة    الهلال الأحمر الإيراني يكشف تفاصيل جديدة حول تحطّم المروحية الرئاسية    أبطال إفريقيا: الكشف عن مدة غياب "علي معلول" عن الملاعب    وزيرة السعادة تحافظ على مركزها ال9 في التصنيف العالمي    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    تزامنا مع عيد الاضحى : منظمة ارشاد المستهلك توجه دعوة لقيس سعيد    سيدي بوزيد: تواصل فعاليات الدورة 15 لمعرض التسوق بمشاركة حوالي 50 عارضا    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    الشاعر مبروك السياري والكاتبة الشابة سناء عبد الله يتألقان في مسابقة الدكتور عبد الرحمان العبد الله المشيقح الأدبية    فظيع: غرق شخص ببحيرة جبلية بجهة حمام بورقيبة..    تونس : أنواع و أسعار تقويم الأسنان    النادي الإفريقي: اليوم عودة التمارين إلى الحديقة .. ومعز حسن يغيب عن الدربي    اشادات دولية.. القسّام تتفاعل وإعلام الكيان مصدوم...«دخلة» الترجي حديث العالم    هام/ هذه نسبة امتلاء السدود..    الأولمبي الباجي أمل جربة ( 2 1) باجة تعبر بعناء    موعد تشييع جثمان الرئيس الإيراني    انطلقت أشغاله الميدانيّة: التعداد السكاني دعامة للتنمية الاقتصادية    تونس تقدم التعازي في وفاة الرئيس الايراني    دول إفريقية مستعدّة لتنظيم عودة منظوريها طوعيا من تونس    بينهم زعيم عربي.. زعماء دول قتلوا بحوادث تحطم طائرات    هذه أول دولة تعلن الحداد لمدة 3 أيام على وفاة الرئيس الايراني..#خبر_عاجل    عاجل/ وفاة رئيس ايران تنبأت به الفلكية ليلى عبد اللطيف قبل شهرين..وهذا ما قالته..!!    استدعاء ثلاثة لاعبين لتشكيلة البرازيل في كوبا أمريكا واستبدال إيدرسون المصاب    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    القصرين : الوحدات العسكرية تشارك أبناء الجهة احتفالاتها بالذكرى ال68 لإنبعاث الجيش الوطني التونسي    نهائي "الكاف": حمزة المثلوثي رجل مباراة الزمالك ونهضة بركان    المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد تستعد للموسم الثقافي والصيفي 2024    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بورتريه:يوسف الشاهد:حماس الشباب... وطموح السياسي
نشر في الشروق يوم 31 - 01 - 2019


تونس الشروق:
حين ظهر أوّل مرّة أعطى صورة نمطية سهلة الاستساغة كونه رجلا من وسط راق...يعطي انطباعا للوهلة الاولى بأنّه ناجح في دراسته حتّى أنّه حين وقع الزجّ به في خضم البرلمان الذي كان يغلي في معركة إنهاء مهمة الحبيب الصيد ظهر كشاب بريء ...بريء في ملمحه...في وقته ونظرته وبريء خاصة في عباراته حين قال «ناقفو لتونس» الى حدّ أنّ البعض تساءل حول ما اذا كان الباجي قائد السبسي قد اخطأ في تقديره واختياره.
في عام 2014 ، سنة تعيين يوسف الشاهد كاتب دولة في وزارة الفلاحة, لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع لهذا المسؤول الشاب أكثر من تنصيبه على رأس الوزارة التي يتقن مجالها جيدا وحصل على دكتوراه في علومها...
كما لم يكن أكثر المتشائمين في 2016, سنة تعيينه على رأس الحكومة بدلا من الحبيب الصيد, يتكهن ويتوقع للسبسي الأب والابن استعصاء حكوميا وتموقعا من الشاهد, أصبح النداء بمقتضاه خارج منظومة الحكومة.
اليوم مرّت سنتان ونصف على ظهور يوسف الشاهد تحت قبة البرلمان ذات أوت 2016 ...يبدو أنّ تلك الصورة تغيّرت تماما...صحيح انّه بقي محافظا على قوة حضوره لكن ما عدا ذلك كل شيء تغيّر ...تغيرت لهجته وأصبحت أكثر اعتدادا بالنفس...تغيّر في نظرته التي لم تعد تلك النظرة التلقائية الأولى... ربما أدرك اليوم أنّ السياسة ليست لعبة وأنّها تحتاج الى الاستعداد لتلقي ضربات موجعة ...والاستعداد أيضا لتسديد ضربات موجعة...وأكثر من ذلك التحلّي بمواصفات أهمّها دون شك «صحّة الراس».
سنتان ونصف كانت كافية لهذا «الشاب الطموح» كي يدرك أن السياسة هي أيضا استخلاص للدروس والعبر وأنها تحتاج الى قوة شخصية وشجاعة وفي أحيان كثيرة الى عناد...وهو ما دفع خصومه الى الاستبسال في محاولة ازاحته لكنه أصرّ على البقاء قبل أن تلتقط النهضة الموقف وتجعل منه «حليف» الحاضر وربّما المستقبل.
الواضح أن يوسف الشاهد أثبت أنّه «صحيح الراس» لذلك وقف وقفة ثابتة أمام كل الذين أرادوا اسقاطه ...بمن فيهم الباجي قائد السبسي الذي أتى به ذات يوم وفاجأ به الجميع قبل أن يتفاجأ به وهو يطلق النار على نجله حافظ قائد السبسي ويسدّد له ضربات موجعة بدأت باتهامه بتدمير «نداء تونس» ولن تنتهي على الارجح عند تأسيس حركة «تحيا تونس»...وما بينهما معارك بالجملة خاضها الشاهد بدءً من الحرب على الفساد وصولا الى رمي الحزب الذي وصل «على ظهره» ذات يوم الى رئاسة الحكومة في «بئر» المعارضة وإعلان نفسه رقما صعبا ضمن المعادلة السياسية الوطنية.
لم يكن هذا السياسي الشاب الذي جاء من الفلاحة لرئاسة الوزراء وبين يديه الكثير من الملفات الشائكة والمستعصية ، يتوقع أن تواجه حكومته كل هذه التحديات ، ولم يكن يتمنى أن تخضع حكومته لامتحان الثقة الشعبية ، بسبب موجة الغلاء التي كسرت ب«عصاها الغليظة» كثيرا من أسباب التفاهم بين الحكومة ومحيطها السياسي والنقابي...وهي المرحلة التي ظلت بمثابة الاختبار الحقيقي للقدرة على إبداء الكفاءة والنجاعة بالنسبة اليه، هنا بدأ يقترب مما يهيّأ له على نار لم تكن هادئة، بحكم التحولات المتسارعة التي تعصف بالبلاد ,فسارع على الفور الى اعلان الحرب على رموز الفساد معلنا أنّ حكومة تتحمّل مسؤولياتها و«ستقود المعركة على الفساد إلى النهاية»، وطلب من التونسيين التوحد في المعركة ضد الفساد، قائلا:« لا توجد خيارات، فإما الدولة أو الفساد»، و أنّ «اختياره ككل التونسيين الدولة وتونس».
يوسف الشاهد رجل طموح...فقد أثبت أنّه يعطي الوقت للوقت فلا يبدي التسرّع ولا ينسى التذكير بأنّه لم يتجاوز الأربعين الا قليلا وأنّه يريد أن يسلك طريقه ببطء وبهدوء.
وسواء اختلفتَ معه في الأداء أو تقاطعت معه في الرؤى, وسواء أيضا توافقت معه في منطق الحكم وتباينت معه في منطوق الحكومة, فلا يمكن إلا أن تُسلّم بأنّ المشهد السياسي التونسي اختلف بشكل واضح منذ أن صعد الشاهد إلى سدّة الحكم في القصبة, وأنّ العلاقة بين القصبة وقرطاج دخلت في مرحلة مغايرة تماما عن كافة المراحل السابقة سيما منذ أن تبوّأ الباجي قايد السبسي كرسي قصر قرطاج ومنذ أن بات يحكم بنصّ الدستور مرة وبجوهر وميكانيزم وتراكمية وأبويّة السلطة مرات أخرى.
يراه مناوئوه بيدقا في يد حركة النهضة, تحرّكه بذكاء وتدير توجهاته من بعيد.. صحيح أنها ليست في الواجهة ولكنّها بنظرهم في وجهة كلّ أداء وتكتيك بينما يعتبر مناصروه أنّه يتصرّف بذكاء ضمن إكراهات السلطة والسياسة في تونس, وأنّه رفع صوته عاليا دفاعا عن الدستور في وجه ثلاثية «الابن والاب والحزب».
وبينهما رأي عامّ وطنيّ, يلاحظ ويتابع «شخصية سياسية» فيها من الحضور والأداء والخطاب ما يفرض وجودها, حتى تحقق أهدافها وتمرّ بسلام من الرّمال المتحركة وحقول الألغام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.