إن أول من نطق بمقولة «لقد خلا لك الجوّ فبيضي وفرّخي» هو الشاعر الجاهلي عروة بن العبد. إذ يروى أن هذا الرجل أخذه الترحال في البراري وتوقف للاستراحة قرب نبع ماء تأمه طيور القبّرة المعروفة عندما عامتنا ب«القوابع». فما كان منه إلا أن نصب لها فخّا لصيدها وكان مآله الفشل. فرفع فخّه وهمّ بالرحيل وهو يخاطب القبّرة بالقول «لقد خلا لك الجو فبيضي وفرّخي». وهكذا صار العرب يضربون هذه المقولة على كل شيء ينفلت لغياب القدرة على الظفر به أو كبت جماحه منذ الجاهلية الى حد الساعة الى أن ردّده مؤخرا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ولا أخاله يخاطب به «القوابع» وإنما زواحف تبيض وتفرّخ أيضا في خراب الدولة وأنقاض دمارها. ولا أستبعد أن سيادة الرئيس ناله ما نال عروة بن العبد من فشل وخيبة في القنص. فرفع شراكه لصيد الزواحف كما رفع عروة فخه لصيد القبّرات. ولكن الفرق بين هذا وذاك هو أن السيد الرئيس المسؤول الأول والأخير عن حماية البلاد من الزواحف ردّد مقولة «لقد خلا لك الجو فبيضي وفرّخي» بعدما تأكد وتيقن من أن الزواحف المسؤول عن قنصها قد عششت وباضت وفرّخت وتوحّشت ووحّشت وتسمّمت وسمّمت وتغوّلت وغوّلت وتسلّطت وسلّطت وتموّلت وموّلت وتزاوجت وزوّجت وكثرت وتكاثرت وكثّرت وزحفت وزحّفت. وهي على مدار الساعة تنام في جحورها على بيض وتصبح على تفريخ وهي سعيدة بفضل النفط وبركة الغاز الراعيين الأساسيين لمحميات الزواحف في أوطان العرب الى درجة أننا نرى «قوابع» الجاهلية تماسيح وديناصورات في القرن الواحد والعشرين وهي لا تدري أنها «قوابع» يا سيادة الرئيس.