الدور الروسي في سوريا، شرعي بطلب من دولتها. واعتبر منذ البداية أنّ التنسيق بين اللاعبين في الميدان السوري ضرورة للتسريع في الحل، وبناء على تحالفه التأسيسي مع إيران التي كانت من بين التي طالبت بالتدخل في سوريا بنت الأساس الجاذب لتركيا، الطرف المحوري في الأزمة. فإيران جارة حدودية لتركيا ومنافستها في الإقليم، وشريكتها في الهم الكردي. ولأن للطرفين مشروعين متقابلين، فلا بدّ من التنسيق. أما روسيا فرأت في الميدان السوري طريق عودتها إلى القرار الدولي. فاستعملت مع إيران مبدأ المصلحة المشتركة بالدفاع عن الدولة السورية. وجذبت تركيا بمشاريع اقتصادية خطوط غاز عبرها إلى أوروبا وبالسلاح «اس-400» والاستيراد والتصدير ونحو خمسة ملايين سائح سنوياً.. بالإضافة إلى الجوار في البحر الأسود. وهناك نقطة هامة، تتعلق بالرفض الأمريكي لكل طموحات تركيا. وضمن هذه المعطيات تشكلت سوتشي على أساس القضاء على الإرهاب والنفوذ الأمريكي الخليجي على قاعدة سيادة الدولة السورية. وبدا أنّ موسكو تريد من «سوتشي» أداء دور رافعة،تعيدها إلى الثنائية الدولية مع الأمريكيين، مقابل مشروع تركي يسعى من خلال سوتشي الى العودة إلى العالم العربي من البوابة السورية المقفلة في وجهه. فقطر لا قوة لها على أداء هذا الدور. والخليج يخشى من طموحاتها الإسلامية. ومصر ترفض إخوانيتها الإسلامية. كما أنّ الأمريكيين لم يولوه ثقتهم إلى حدود محاولتهم إسقاط نظام أردوغان. هذا ما جعل أنقرة تتمسك بسوتشي مع محافظتها على نافذة أطلسية تطل منها على تحالفاتها التاريخية بين الحين والآخر. ماذا عن إيران الفريق الثالث في سوتشي؟ إيران في مرمى التصويب الأمريكي الخليجي الإسرائيلي، منذ نجاح ثورتها الإسلامية في 1979. وهذا لم يمنعها من تأسيس تحالفات شملت أفغانستان الهزارة وقسماً من باكستان والهند واليمن والعراق وسوريا ولبنان، مما أدّى إلى اهتزاز النفوذ الأمريكي في العالم الإسلامي. فخرجت إيران إلى الإقليم تشجّع على رفض الهيمنة الأمريكية، في محاولة لتوسيع إطار الصراع معها. فتتقلّص معاناتها مما تتعرّض له من حصار ومقاطعات وتحريض داخلي وخارجي. كما أنّها بهذه الطريقة تدعم حركة التمرد الإقليمي على الأمريكيين انطلاقاً من حماية حليفتها سوريا. وهذا ما أدّى إلى نجاح سوتشي في إدارة الجزء الأساسي من أزمة سوريا على الرغم من المراوغات التركية الواضحة.