في كل المدن والقرى تنتشر أعمدة الاتصال بشكل عشوائي فوق المنازل والأسطح وفي مواقع مختلفة من التجمعات السكنية وحتى قرب المستشفيات والحضانات. بعض الشركات تقدّم للسكان الذين يقبلون بوضع أعمدة الاتصال فوق منازلهم مقابلا ماليا محترما. في معظم بلدان العالم الغربي يخضع ذلك لقوانين ومعايير وقياسات علمية قد تختلف شيئا ما من بلد لآخر. تحت تأثير نشاط الحركة البيئية والمتساكنين الذين تخوفوا من انعكاسات ذلك على صحتهم وصحة أطفالهم اضطرت الحكومات إلى تقييد عملية وضع أعمدة الاتصال وإجبار الشركات على احترام مقاييس ومستويات من الإشعاعات لا يمكن تجاوزها. هل لأعمدة الاتصال تأثير على صحة السكان المحليين؟ نعم وفقا لدراسة استقصائية أجرتها جمعية Santé environnement France وهذا ما أكدته Cathérine Gouhier الأمينة العامة لمركز البحوث والمعلومات المستقلة حول الإشعاع غير المؤين الكهرومغناطيسي (Criirem). وفقا لمسح أجرته جمعية الصحة البيئية بفرنسا لدى سكان "إيكس إن بروفنس وأوباغن"، فإن وجود أعمدة الاتصال على أسطح المباني يسبب اضطرابات صحية مختلفة (طنين الأذن، اضطرابات النوم، صعوبة في التركيز ...). كما أبرزت الدراسات الاستقصائية والدراسات العلمية السابقة تأثير هذه الهوائيات على صحة السكان المحليين. وفقًا للبيانات التي نشرتها الجمعية المذكورة فإن 43٪ من المشاركين يقولون إنهم يعانون من طنين (طنين أو صفير أو رنين)، مقابل 15 ٪ فقط من جميع الفرنسيين. يشكو أكثرمن نصف المستأجرين الذين شملهم المسح (55 ٪) أيضًا من اضطرابات النوم مقارنة ب 32٪ من إجمالي عدد السكان الفرنسيين. أما صعوبات التركيز فهي تشمل27 ٪ من المشاركين في الاستطلاع مقابل 4 ٪ كمتوسط عام. لقد وقع وصف هذه المتلازمة في الستينات من القرن الماضي وقد ارتبطت بترددات موجات شبيهة بتلك التي تولدها تكنولوجيا الهواتف الخلوية المتنقلة. قد تصاحبها أعراض أخرى: الإحساس بالتعب، التهيج، الغثيان، الصداع، النعاس، الأرق إلخ... تتفق نتائج هذا المسح مع دراسة Bortkiewicz التي نشرت في بولندا في عام 2004 أو دراسة عبد الرسول التي أجريت في مصر في عام 2007 والتي ربطت اضطرابات النوم ونقص التركيز لدى الأطفال بقرب هؤلاء من أعمدة الاتصال. نذكّر بأن قرار 7 أفريل 2005 (فرنسا) ينص على أنه لا يمكن إنشاء أعمدة الاتصال إلا إذا كان أصحاب المبنى يقبلونه بالإجماع لكن تطبيقه نسبي جدا ومرتبط بمدى وعي المتساكنين بالمخاطر. من ناحية أخرى أجرى المعهد الوطني للبيئة الصناعية والمخاطر دراسة بالاشتراك مع جامعة "بيكاردي جول فيرن" بيّنت أنه وعلى وجه الخصوص أن نوم الفئران الصغيرة قد تأثر من الإشعاع الكهرومغناطيسي مما يطرح أسئلة حول آثارها على البشر.