في تطور غير مسبوق لقدرات المقاومة، أشعل صاروخ أطلق من قطاع غزة نحو تل ابيب وفشلت كل المضادات الجوية الصهيونية في رصده، فتيل مواجهة وتصعيد صهيوني جديد على القطاع في ظرف حساس ومعقّد للجميع. الصاروخ عالي الدقة ومتطور كثيرا مقارنة بصواريخ المقاومة المعروفة أدخل الكيان الصهيوني بسياسييه وعسكرييه وشعبه في دوامة من الرعب والذعر كيف لا وهو الذي خلّف دمارا كبيرا ووصل الى نقطة قريبة جدا من العاصمة تل أبيب وقد يكون أول المفاجآت. السؤال الذي يقضّ مضاجع الصهاينة الآن ويريدون اجابة له بأي ثمن هو؟ من أين لكم بهذا؟ لأن صاروخ المقاومة الذي قطع مسافة 100 كيلومتر فاجأهم وارعبهم بل ودوّخهم في قدرته على المناورة والافلات من القبة الحديدة التي وقفت تتفرج عليه دون أية حركة وهو يتّجه الى تل ابيب وبالتالي اسقاط نظرية الردع الصهيونية. جيش الاحتلال ومن ورائه نتنياهو المنتشي في الوقت نفسه بهدية ترامب المتمثلة في الاعتراف بالجولان السوري المحتل كأرض صهيونية، سارع لحفظ ماء الوجه بالقيام بتعبئة عسكرية على حدود غزة ومن ثم توجيه ضربات جوية داخل أهداف مزعومة في القطاع. لكن صاروخ تل أبيب أفسد حفلة نتنياهو وصديقه «البلطجي العالمي» ترامب وبدا الأول متلعثما حينا مهددا مزمجرا حين آخر، لأن الصاروخ كان ضربة موجعة لنتنياهو ولشعبيته المتدهورة امام خصمه بيني غانتس في الانتخابات المقبلة. نتنياهو وبسبب الوضع الحساس الداخلي من تهم الفساد التي تلاحقه والانتخابات التي على الابواب لن يذهب بعيدا في هذا التصعيد ضد قطاع غزة لأن الثمن باهظ جدا وإن كان للطرفين، وقد تسقط المواجهة آخر اوراق نتنياهو في الفوز بالانتخابات وتمرغ وجهه في التراب. ومع اعلان المقاومة عن استعدادها التام لأي تصعيد بل وتوسيع المواجهة حد الحرب الشاملة، فإن أمام نتنياهو الآن خيارين لا ثالث لهما وأحلاهما مر، أولهما الاكتفاء بضربات محدودة مدمرة وتضخيمها اعلاميا وربما اعتماد خيار الاغتيالات لرفع شعبيته ومعنويات انصاره وثانيهما الذهاب في مواجهة شاملة وهو أمر مستبعد على الاقل في الوقت الراهن. المقاومة فرضت نفسها كرقم صعب في الانتخابات الصهيونية المزمع اجراؤها في 9 افريل المقبل من خلال السعي نحو ترجيح كفة مترشح على آخر وهنا نقصد نتنياهو وغانتس، ولخبطة الوضع الداخلي في الكيان الصهيوني وادخاله في دوامة الأزمة السياسية التي قد تؤجل الانتخابات. اليوم لم يعد أمام المقاومة في القطاع شيء تخسره خاصة في ظل الحصار الاقتصادي وتردي الاوضاع وعدم وجود أي أمل لتغيير هذا الوضع، لذلك فإن المواجهة مع الاحتلال لا ترهبها، لأن الذي يموت جوعا لا يخيفه الموت شهيدا. تقديرات الخبراء والمحللين تقول أن المواجهة أو الحرب الكبرى بين الطرفين قادمة لا محالة وان لم تكن في الربيع ففي الصيف خاصة ان فاز نتنياهو في الانتخابات ورتّب اوضاعه الداخلية للدخول في الحرب، والجديد فيها أنها لن تكون كسابقاتها ...بل إنها حرب قد لا تبقي ولاتذر.