لنتّفق أوّلا وقبل كلّ شيء على أن «مَريول» المنتخب ليس له ثمن ل»قَداسته» وارتباطه الرَمزي بالوطن. لكن هذا لا يَمنع من ترويجه في الفَضاءات الرياضية والمحلاّت التِجارية مُقابل أسعار تَختلف من مكان إلى آخر كما يفعل الآن شُركاء الجامعة التونسية لكرة القدم. ومن المعلوم أن منتخبنا الوطني ظهر مُؤخّرا ب»مَريول» جديد من صِناعة المُؤسّسة الإيطالية «كَابا» المُختصّة في المُعدّات الرياضية وقد لَقي هذا القميص استحسان المُتابعين وإعجاب اللاعبين لدقة تَصميمه وجودة قُماشه. لكن يبدو أن أسعار البَيع للعُموم أثارت حفيظة الكثير من التونسيين الذين يُفضّل شق منهم ترويج «المَريول» بأثمان رمزية ليكون في مُتناول الجميع خاصّة في ظل تدهور المَقدرة الشرائية للتونسي. أسعار فلكية لقد كانت صَدمة التونسيين شديدة لمشاهدة قمصان المنتخب تُباع ب 90 «أورو»: أي حوالي 300 دينار وهو ما يُعادل تقريبا الأجر الأدنى المضمون في تونس ما بَعد الثّورة (بين 323 و378 دينارا). ومن الطّبيعي طبعا أن يَشعر المواطن التونسي ب»الدُّوخة» وهو يرى «مَريول» «النُسور» بمثل هذا السّعر الفَلكي وبشكل يُوحي بوقوع الجامعة وشريكها الإيطالي في لُعبة «المُزايدات» والبحث عن الرّبح الفَاحش من خلال استغلال التعلّق الكبير للتونسي بمنتخب بلاده و»تَقديسه» ل»المَريول» الذي جَاب الأرجنتين وفرنسا واليَابان وألمانيا وروسيا. وبما أن سبعة ملايين تونسي أويزيد يُبحرون يَوميا في مواقع التواصل الإجتماعي فإن الصّفحات «الفايسبوكية» ضَجّت بردود الأفعال «العَنيفة» والتي يرفض أصحابها بيع قميص المنتخب بمثل هذا السّعر الذي قد لا يَقدر على توفيره إلاّ من كان يشتغل في البلدان الأسكندنافية حيث «يَنتحر» الناس من الثراء أومن جَعلته مليارات «الفيفا» في قطيعة مع «المِيزيريا الزّرقاء» التي يعيشها الشعب التونسي وهو حال رئيس جامعتنا الذي كان من المفروض أن يضع قميص الفريق الوطني في مُتناول كلّ كهل وامرأة وطفل لتقوية العَلاقة بين الجمهور ومنتخبه لا «ضَربها» وإفسادها ب»الويكلو» وبمثل هذه الأسعار «التَعجيزية» و»الإستفزازية» لأزيائنا الوطنية. «حِيلة اشهارية» في الوقت الذي ثارت فيه الجماهير التونسية على غلاء قميص المنتخب، لازمت الجامعة وشريكها «الطّلياني» الصّمت وبالإستفسار عن الأمر اتّضح أن هذا التوجّه يندرج في خَانة «الحيل الإشهارية» بما أن صاحب هذه المُعدات الرياضية من مصلحته أن يتحدث النّاس عن بِضاعته (ولو بالنّقد) حتى تكون نِسب التَفاعلات قِياسية وتُصبح هذه العلامة التجارية على كلّ الألسنة. وأمام غياب الإيضاحات الرسمية والبلاغات التي عوّدتنا الجامعة بتنزيلها صباحا مساءً وفي آخر اللّيل من واجبنا أن نُزيل الضبابية عن العملية التسويقية ل»مَريول» المنتخب. وتفيد مصادرنا في هذا الشأن بأن ثمن القميص بلغ سقف ال 90 أورو لكن هذا السّعر مُعتمد في البلدان الأجنبية حيث تملك تونس جالية «استثنائية» ومُتعلقة بمنتخبها وب»ريحة البلاد» وهو ما اكتشفه جميعنا في رحلات «النُسور» بين «الدّوحة» و»نيس» و»براغا» و»جنيف» و»مُوسكو». وتضيف مصادرنا أن القميص الذي يقع ترويجه في الخارج عَالي الجودة ومُطابق تماما للأزياء التي ترتديها عناصرنا الدولية. أمّا على صعيد السوق الداخلية فإن أسعار الأزياء الوطنية تَتراوح بين 65 و69 دينارا وهي أثمان مقبولة بالنظر إلى تكاليف المواد الأولية وقِياسا كذلك بأسعار المُعدات الرياضية المُتداولة في السوق التونسية. مجرّد رأي أمام الإرتفاع المُشط لأسعار قميص المنتخب وإزاء «الفَقر المُدقع» لغالبية الناس نطرح السؤال التالي: أليس من الأفضل أن يُصنع «مريول» فريقنا الوطني بالقماش التونسي (قصر هلال مثلا) ونكون بذلك قد ضَربنا ثلاثة عصافير بحجر واحد: ترويج الأزياء بأسعار مُناسبة وإنعاش الإقتصاد المحلي فضلا عن إدخال الزي الوطني لجلّ البيوت التونسية بعد أن اكتسحتها أزياء الجمعيات المحلية والأوروبية؟ بشرى جيّدة بَعيدا عن الجدل الدائر حول أسعار الأزياء الوطنية تؤكد المعلومات القادمة من جامعة الكرة أن فكرة بعث مغازة بإسم المنتخب قد ترى النُور في القريب العَاجل. ولاشك في أن هذه الخُطوة (إن تحقّقت) سَتُحسب لجامعة الجريء لحاجة المنتخب لمغازة «تأوي» مُعداته وتجمع مُحبيه وتُنعش في الوقت نفسه «جَيبه». أسعار بيع قميص المنتخب 90 أورو في الخارج بين 65 و69 دينار في تونس