هل نحن إلى بر الأمان أم إلى مزبلة التاريخ أقرب؟ ما كنت أرى القرب إلى هذه المزبلة أقرب لو لم تتزبّل أوضاعنا وتصبح أحوالنا مصبات منظمة لها في زمن عشوائي تتحكم فيه زبالة القوم وتحققت فيه المساواة بين المسحوقين فقرا وتعاسة والميسورين أملاكا وأموالا في العيش من نبش الزبالة. على أن تبقى زبالة المسحوقين في الهواء الطلق وزبالة الميسورين في الفضاءات المكيفة المخفية. ولا فرق بين نبّاش فقير ونباش ثري إلا بما امتلأت يداه وأكياسه من زبالته. ولا شأن له فيها إن كانت صالحة للاستعمال أو للرسكلة المهم أنها مقبولة في أسواق الزبالة ومطلوبة لدى تجارها من المستثمرين في تثمين المزابل. على أن يكون هذا النبش محددا للجياع بمصبات الزبالة وحاويتها في المدن والقرى والأرياف محليا وجهويا. فيما يتسع للأثرياء ليمسح الفضاء الوطني للنبش في زبالة كل ما هو عمومي من الصحة إلى النقل ومن التعليم إلى الإعلام ومن التشريع إلى التنفيذ الكل ينبش والكل يشتري والكل يبيع يا طويل العمر يا ربيع. فما بالك بالمصبات العشوائية لزبالة الأحزاب والجمعيات حيث تنصب أكبر المناطق الصناعية لرسكلة الزبالة وتحويلها إلى حاويات للزبالة وإلى أقنعة وإلى دمى متحركة تلعب دور البطولة في مسرحية شثورة المزابل» في مهرجان المتخلفين ذهنيا وإلى معون صنعة صالح للاستعمال المؤقت ثم يعود إلى حيث كان في الزبالة. الفقير يقتات من نبش الزبالة والغني يستثري من نبش الزبالة والطبقة المتوسطة تعيش من نبش جيوبها منذ أن أصبح الدينار زبالة. فهل للتاريخ زبالة غير هذه الزبالة؟