تونس -الشروق : المرأة في البرلمان ، عنصر تتداخل فيه الشعارات بالممارسة الواقعية، فحقوق المرأة عنصر يؤثث أغلب الخطابات تحت قبة البرلمان ، لكن الممارسة الواقعية للعمل البرلماني تؤكّد ان المرأة خارج مفاصل السلطة في المؤسسة التشريعية. وهي أقرب الى ّالديكور « البرلماني الذي يكتفي بالتعاطي معه عند حدود التباهي فقط. تهميش المرأة بالرغم من أن عدد النساء في البرلمان يبلغ 79 نائبة ،و حضور النائبات في اللجان التشريعية والخاصة وفي الجلسات العامة أكثر من الرجال ،ومساهمة المرأة في التشريعية شديدة الأهمية سواء في الجانب السياسي أو في الجانب التشريعي ،إلا أن المرأة بقيت مهمشة في قلب السلطة التشريعية . المعطيات العددية التي ميزت الدورة البرلمانية الخامسة والأخيرة من عمل البرلمان ،وهي دورة نموذجية في مستوى تهميش دور المرأة ،تؤكّد أن النساء شبه غائبات عن المفاصل الحقيقية للسلطة في البرلمان . فمكتب المجلس الذي يمكن اعتباره القلب النابض لمجلس نواب الشعب يضم 3 نساء فقط ، وهن كلثوم بدر الدين وهي مساعد الرئيس المكلف بالعلاقات مع السلطة القضائية والهيئات الدستورية ،وفريدة العبيدي وهي مساعد الرئيس المكلف بشؤون التشريع ،وفوزية بن فضة وهي النائب الثاني لرئيس البرلمان . اللجان القارة والخاصة أما اللجان القارة وهي من أهم هياكل البرلمان فتم تمكين النائبات من رئاسة لجنتين. حيث ترأست لطيفة الحباشي لجنة الحقوق والحريات ،وأسماء أبو الهناء ترأست لجنة تنظيم شؤون الإدارة والقوات الحاملة للسلاح ، في حين ترأس الرجال سبع لجان قارة . هذا الخلل الكبير في مستوى توزيع رئاسة اللجان القارة بين النساء والرجال في البرلمان ،حاول البرلمان تداركه بتمكين المرأة من رئاسة خمس لجان خاصة. حيث تم تمكين منية إبراهيم ، من رئاسة لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام ،وعبير عبدلي من رئاسة لجنة التنمية الجهوية وانس الحطاب من رئاسة لجنة شهداء الثورة وجرحاها وتنفيذ قانون العفو العام والعدالة الانتقالية. وترأست سعاد بيولي الشفي، لجنة شؤون ذوي الإعاقة والفئات الهشة ، في حين ترأست سماح دمق لجنة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والشباب والمسنين. رفض التناصف الأفقي استنكرت رابطة الناخبات التونسيات مناقشة تنقيح القانون الانتخابي دون تمرير المبادرة التشريعية المتعلقة بإدراج مبدإ التناصف الأفقي في انتخابات مجلس نواب الشعب لسنة 2019 .وطالبت رابطة الناخبات التونسيات في بيان لها بعرض المبادرة التشريعية المقدمة من النائبات والنواب بخصوص إدراج مبدإ التناصف الأفقي في الانتخابات التشريعية لضمان ارساء الالتزام الدستوري للدولة التونسية بتحقيق التناصف في المجالس المنتخبة مثلما ورد بالفصل 46 من الدستور. ونددت الرابطة بالسعي الى تهميش هذا المبدإ و اعتباره غير ذي أولوية والحال أنه قاطرة نحو انتخابات تضمن النزاهة والمساواة بين المترشحين والمترشحات وإعلاء مبدإ تكافؤ الفرص حسب تقديرها. تطور حضور المرأة في البرلمان رغم إقرار مبدإ التناصف بين الرجال والنساء بالقائمات الانتخابية في الانتخابات التشريعية إلا أنّ التمثيلية النسائية بالبرلمان تظلّ ضعيفة ومحدودة، ودون المأمول.وحسب المعطيات الرسمية فإن آخر البرلمانات قبل سنة 2011 وهو البرلمان الذي امتد عمله منذ سنة 2009 الى 2010 ، تضمن 59 امرأة أفرزتها انتخابات أكتوبر 2009 . هذا العدد غير مسبوق تاريخيا بالنسبة للبرلمانات التونسية ، فنسبة 27.57 % من مقاعد البرلمان ال214، لم تتحصل عليها المراة التونسية قبل هذه الفترة . أما المجلس الوطني التأسيسي الذي امتد عمله من سنة 2011 الى سنة 2014 ، فقد مثل انتكاسة بالنسبة للمراة بالرغم من ان القائمات الانتخابية كانت مبنية على مبدأ التناصف . حيث تحصل النساء على 49 مقعدا فقط بنسبة 22.5 % . أما مجلس نواب الشعب الذي يمتد عمله من أكتوبر 2014 الى ديسمبر 2019 ، فقد شهد تطورا في عدد النساء. حيث بلغ العدد الجملي بعد التغيرات الحاصلة في المهد البرلمان بسبب خروج عدد من النواب لتشكيلة الحكومة او لمهام أخرى ، 79 امراة بنسبة قاربت 34 % من العدد الجملي للنواب . النساء ممنوعات من رئاسة الكتل يضم مجلس نواب الشعب سبع كتل برلمانية وهي كتلة حركة النهضة وكتلة الائتلاف الوطني وكتلة نداء تونس وكتلة الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية وكتلة مشروع تونس وكتلة الولاء للوطن . كل هذه الكتل يترأسها رجال. ولم يتم تمكين أي نائبة من رئاسة أي كتلة منذ بداية الدورة بالبرلمان . بالرغم من تغير عدد الكتل البرلمانية وانهيار كتل وميلاد كتل أخرى والتغيرات الجذرية التي شهدها المشهد البرلماني الا أن رئاسة الكتل على امتدا خمس سنوات كانت حكرا على الرجال . حريم السلطان من التناقضات التي ميزت سير المؤسسة التشريعية على امتداد خمس سنوات ، عدم الاقتصار على حرمان المرأة من رئاسة الكتل وضعف عدد النساء اللواتي يترأسن اللجان القارة ، لكن حتى لجنة المرأة ترأسها رجل . ففي الدورة البرلمانية الرابعة ترأس النائب والقيادي في حركة النهضة الإسلامية سمير ديلو لجنة المرأة . وهو ما أثار سيلا من الانتقادات بلغت حد توصيف تركيبة اللجنة بحريم السلطان . كتلة النساء البرلمانيات نظمت لجنة المرأة والأسرة والطفولة والشباب والمسنين بمجلس نواب الشعب في الدورة البرلمانية الرابعة ملتقى تنظيميا لإنشاء كتلة النساء البرلمانيات صلب المجلس.وأوضحت رئيسة لجنة شؤون المرأة سماح دمق، أن هذه الكتلة تهدف إلى تمكين المرأة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا لاسيما النساء ذوات الوضعيات الهشة والعمل على القضاء على كل أشكال التمييز وتجسيد المساواة وتكافؤ الفرص. وأكدت دمق أن من أهداف هذه الكتلة دفع المبادرات التشريعية بمجلس نواب الشعب والضغط لتمرير القوانين التي تهم المرأة. لكن هذه المبادرة لم تر النور من الناحية التطبيقية. وبقيت في مساحة النقاش فقط .