تونس: صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية يتلقى 35 ألف مطلب قرض    القرض الرقاعي الوطني 2024: تعبئة 1،444 مليار دينار من اكتتاب القسط الثاني    سليانة: إلقاء القبض على سجين بعد فراره من أمام المحكمة    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    الديوانة تطلق خدمة التصريح بالدخول الخاص بالإبحار الترفيهي    عاجل : هزة أرضية في قفصة    مندوبية التربية بقفصة تحصد 3 جوائز في الملتقى الوطني للمسرح بالمدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية    بالجهد والتعب... تحقق الحلم: كوكب عقارب يصعد للرابطة الثانية.    في ذكرى النكبة: تونس تجدّد دعمها اللامشروط للشعب الفلسطيني    التلفزة التونسية تفتح تحقيقا داخليا بسبب مباراة الترجي والنجم    عاجل : أحارب المرض الخبيث...كلمات توجهها نجمة'' أراب أيدول'' لمحبيها    أغنية صابر الرباعي الجديدة تحصد الملايين    بمناسبة عيد الأمهات..البريد التونسي يصدر طابعا جديدا    الإعلان عن تركيبة الإدارة الوطنية للتحكيم    الكشف عن شبكات إتّجار بالمواد المخدّرة تنشط بولايات تونس الكبرى    يشكّل تهديدا للنمّو.. الصين تسجّل فائضا قياسيّا بملايين المساكن    حاحب العيون: انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للمشمش    قابس : عدد أضاحي العيد غير كاف والحل في التوريد    نابل: الفلاحون المنتجون للطماطم يطالبون بتدخل السلط وجبر الأضرار جراء تضرر الصابة    رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو يتعرّض لإطلاق نار بعد اجتماع الحكومة    مكثر: وفاة شاب واصابة 5 أشخاص في حادث مرور    وزير السياحة يؤكد لمستثمرين كويتيين الاستعداد لتقديم الإحاطة اللازمة لتطوير استثماراتهم في تونس    مجلس عمداء المحامين يصدر بيان هام..#خبر_عاجل    ميشيل مدرب جيرونا: إنهاء الموسم في المركز الثاني مهمة صعبة جدا    فاجعة: جريمة قتل شنيعة تهز هذه المنطقة..    على هامش الدورة 14 لصالون للفلاحة والصناعات الغذائية صفاقس تختار أفضل خباز    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و2033    وفاة عسكريين في حادث سقوط طائرة عسكرية في موريتانيا..#خبر_عاجل    عاجل/ متابعة: هذه التهم الموجهة لبرهان بسيس والزغيدي والعقوبة التي تنتظرهما..!!    وزير الفلاحة يعرب عن إعجابه بصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    القلعة الخصبة: انطلاق فعاليات الدورة 25 لشهر التراث    الدورة ال3 لمهرجان جربة تونس للسينما العربية من 20 إلى 25 جوان 2024    وزير الشؤون الدينية يؤكد الحرص على إنجاح موسم الحج    ينتحل صفة موظف للداخلية و يجمع التبرعات لفائدة شهداء المؤسسة الأمنية ...ما القصة ؟    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    وزير الرياضة في زيارة تفقديّة للملعب البلدي بالمرناقية    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    أصحاب المخابز يُطالبون بصرف مستحقّاتهم لدى الدولة    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    ارتفاع عدد قتلى جنود الإحتلال إلى 621    الأهلي يصل اليوم الى تونس .. «ويكلو» في التدريبات.. حظر اعلامي وكولر يحفّز اللاعبين    اليوم إياب نصف نهائي بطولة النخبة ..الإفريقي والترجي لتأكيد أسبقية الذهاب وبلوغ النهائي    عاجل/ مع انتهاء آجال الاحتفاظ: هذا ما كشفه محامي مراد الزغيدي..    في يومها العالمي.. الشروع في اعداد استراتيجية وطنية جديدة للنهوض بالأسرة    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    الكاف: حريق اندلع بمعمل الطماطم ماالقصة ؟    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المشي على شفرة واحدة» للكاتب مراد ساسي 2\3....تعدّد الأصوات وتقنية الاسترجاع
نشر في الشروق يوم 14 - 11 - 2019

«فصار هو والشيخ يتبادلان المنافع القليلة ويتقاسمانها. يتعاونان معا لاستعباد سكان الجهة وتشغيلهم في أراضيهم دون مقابل أحيانا. كما يتنافسان على دفعهم إلى رهنهم أراضيهم ثم افتكاكها زورا وبالقانون عند العجز عن الدفع. والتضييق عليهم في الرزق. ثم يتواصل الأمر مع بداية دولة الاستقلال إلى حدود السبعينات. بدخول طرف ثالث هو النائب عن الجهة الذي زار المنطقة المنسية بهدف نيل أصواتهم حتى يحصِّل كرسيا بالبرلمان. موظفا العمدة والكومبتا ومالكي الأرض. فيقومون بحملة انتخابية لفائدة هذا النائب المحتمل القادم من العاصمة مقابل رشاو يقدمها لهؤلاء التابعين اولخدم عند السلطة، ميسرا لهم ربما ولوج عالم المال والأعمال والامتيازات. وأما العامة فلا شيء ينويهم غير ولائم يملؤون من خلالها بطونهم يوما أو بعض يوم ثم يجوعون. وخلال هذا الجزء من الرواية يحيطك السارد بظروف أهل قريته الاجتماعية ومستوى وعيهم وثقافتهم المتصلة بالأساطير أو التدين الساذج واللاعقلاني، من خلال الإيمان بالأولياء الصالحين كسيدي غيلان وقدرته على تغيير الواقع والارتقاء به لصالحهم، كالتعجيل بنزول المطر لمجابهة الجفاف، وأن تخرج الأرض من قثائها. كما نقرأ عن سلطة المؤدب الدينية المبنية على الجهل من ناحية والشذوذ الجنسي. مما خلق شروخا نفسية عند الأطفال في شخصياتهم ووعيهم لاحقا. إلى جانب التعرض إلى علاقات الحب والزواج ومحاكمة عقلية المجتمع الذكورية التي تستغلّ المرأة وترى فيها أداة لإشباع الجوع الجنسي دون وجه حقّ باستغلال ظروفهن لضيق اليد وحاجتهن إلى لقمة العيش.
لكن، في هذه البيئة الفقيرة المعزولة، قد تبزغ الشمس يوما فتضيء الكون أو ينزل المطر رذاذا أو طلاّ فيغسل الأدران ويُجري الماء وتنبت الأرض من خيراتها فينشأ الأمل ويخرج نبت جميل هو الشباب المتعلم.
إنه فعل التعليم الذي بدأ يؤتي أكله ويحفر في هذه البيئة ويسعى لتغييرها والارتقاء بتفكيرها محدثا ثورة. إنه محجوب بطل الرواية هذا الطفل يتيم الأبوين الذي رباه الخال نراه يتعلم وينجح ويتميز ويحصل على الباكالوريا ثم يدخل الجامعة. ويصير لديه وعي طلابي بالسياسية والثقافة مما يجعله مطاردا من البوليس ومهددا بالسجن والإيقاف. فيسكن الميناء ويتعرف على الشيخ البحار و"بنقة "اللذين يطمئنان إليه ويفتحان أمامه مغاليق الماضي وتجارب حياتهما الخاصة. وييسّران له الحرقة إلى إيطاليا دون وثائق. ومنها إلى المشرق سوريا ولبنان. إلى جانب تعلم ابنة العمدة التي أحبت محجوب فعاشا قصة حبّ لم تكتمل بفعل عملية الخصي التي تعرضت إليها أي " " التصفيح" فجعلتها لا تستمتع بجسدها فتُخمدُ لذتها أو تُقتلُ. فتقرر الهروب من هذه البيئة مع فرنسي إلى الخارج ثم تنهي حياتها لاحقا انتحارا كاعتراض منها على رفضها لمجتمعها ومحاكمته. مجتمع يحاصر الحبّ ويستلذ الزنا ويغتصب شرف العذارى الضعيفات (بهجة في المدينة العتيقة وأمّها قبلها).
المشي على شفرة حادة وأساليب القص
سيطر السّرد بضمير المتكلم المفرد المذكر على كامل الرواية بإضاءة جوانب عديدة من حياة البطل في الماضي وواقع القرية وأهلها مما يُعتبر تأريخا للمكان وأهله. ماض بعيد هو زمن الاستعمار. وماض وسطي هو فترة السبعينات وماض قريب هو فترة التسعينات وما بعدها أي فترة تفكك الاتحاد السوفياتي والحروب العرقية والدينية في يوغسلافيا بين البوسنيين والسّرب. غير أن السارد الرئيس يتخلى أحيانا عن هيمنته المطلقة لفائدة شخصيات أخرى متيحا لها فرصة أن تبوح وتحكي فتوسع من معارف البطل وتعمّق تجربته في الحياة فتعدّد الأصوات. وهذه الأصوات هي في حقيقة الأمر أدوار سردية تقوم بها شخصياتٌ روائية مكَّنها الراوي الأصلي من إمكانية مشاركته السرد والتقدّم بالأحداث. كالخال بوشنب والأم السالمة وابنة العمدة والنائب والبحار وبنقة وبهجة بائعة الهوى في المدينة العتيقة. بعضها عربي كالشيخ اللبناني وعشيقته الكردية السورية وابنتها وبعضها أجنبي كالصهيوني اليوغسلافي مروج الأسلحة في المشرق العربي ومرية الغجرية والعرّاب والكابو والإسكافي والرئيس وغيرهم وهم شخصيات مافيوبة تبيع المخدرات وتتاجر في السلاح عبر العالم. ووراء كل شخصية قصة مؤلمة. إذ يعاني جميعها في محيطه اليأس والخوف والتهديد بالموت. إلى جانب إشارات أخرى جاءت على لسان رجل الموساد عند حديثه عن الصراع بين الفصائل الفلسطينية في الضفة والقطاع أو بين القوات الفلسطينية والجيش الأردني في شهر أيلول الأسود. مما جعل هذه الرواية تبتدئ بالبحث في الحياة الاجتماعية للشخوص ثم تتحول إلى سجل تاريخي سياسي بدأ بما حدث في بلد المنشأ تونس وانتهى بالمشرق وإيطاليا، بلد المافيا والإجرام وشراء السّاسة بالمال فيكونون خاضعين للجماعات المسلحة المتحكمة فعلا في المشهد السياسي.
رواية ' المشي على شفرة واحدة " 236 ص
الكاتب " مراد ساسي
صادرة عن أبجديات النشر والتوزيع / سوسة
الطبعة الأولى 2019


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.