رئيس منظمة إرشاد المستهلك ل«الشروق» «لوبي» وراء الترفيع في أسعار لحم الضأن واختفاؤه من «الجزارة» مدبّر    مرحلة التتويج ...الترجي لحسم اللقب أمام المنستير... النجم و«السي .آس .آس» لاستعادة الكبرياء    يحذر منها الأطباء: عادات غذائية سيئة في العيد!    في زيارة وزيرة التجهيز إلى سيدي بوزيد.. تسليم 178 مسكنا اجتماعياً    قرارات بالسراح الشرطي إثر العفو الرئاسي الخاص    الحشّاني يلتقي تبون خلال أشغال قمّة مجموعة السبع    حصيلة منتدى تونس للاستثمار TIF 2024 ...أكثر من 500 مليون أورو لمشاريع البنية التحتية والتربية والمؤسسات الصغرى والمتوسّطة    هذه أسباب عدم تسجيل صابة قياسية من الحبوب    رئيس الحكومة يجري محادثات جانبية مع عدد من الزعماء والقادة    مع تواصل المجازر الصهيونية .. وتعثر المفاوضات ... غزّة تذبح... في العيد    المواجهة تتوسّع شمالا ومخاوف الصهاينة تتزايد...صواريخ حزب الله قد تحسم الحرب    يوميات المقاومة...قصف صاروخي وتصدي ميداني ...المقاومة الفلسطينية تدكّ مستوطنات غلاف غزّة    رئيس الحكومة يلقي كلمة في الجلسة المخصّصة لموضوع ''افريقيا والمتوسط''    مستودعات للتهريب و تلاعب في الموانئ ...أباطرة «الفريب» يعربدون    مع تأجيل التنفيذ... 6 أشهر سجنا لوزير أملاك الدولة الأسبق حاتم العشي    بنزرت: وفاة طفلين غرقا بشاطئ مامي    مذكّرات سياسي في «الشروق» (54) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... سفارة تونس بواشنطن واجهة للاتفاقيات المتعدّدة والمتنوّعة    الصحة السعودية تدعو الحجاج لاستخدام المظلات للوقاية من ضربات الشمس    بمناسبة عطلة عيد الأضحى .. وزارة الدّاخلية ومرصد سلامة المرور يقدّمان توصيات لمستعملي الطّريق    الرابطة 1 : التعادل يحسم الدربي الصغير بين الملعب التونسي والنادي الافريقي    سوق الانتقالات: النصر السعودي لم يحسم بعد في مستقبل النجم السنغالي ساديو ماني    الاتحاد الآسيوي يعلن انطلاق النسخة الأولى لبطولة رابطة أبطال آسيا لكرة القدم النسائية في أوت المقبل    سوسة: شركة النقل بالساحل تطلق برنامجا استثنائيا لضمان نقل المواطنين خلال فترة عيد الاضحى    فتح 76 مكتب بريد بصفة استثنائية يوم السبت 15 جوان 2024    منوبة: اقبال على نقطة بيع الأضاحي بالميزان    الدورة الخامسة من مهرجان عمان السينمائي الدولي : مشاركة أربعة أفلام تونسية منها ثلاثة في المسابقة الرسمية    "عالم العجائب" للفنان التشكيلي حمدة السعيدي : غوص في عالم يمزج بين الواقع والخيال    قفصة : تواصل أشغال تهيئة وتجديد قاعة السينما والعروض بالمركب الثقافي ابن منظور    جامعة تونس المنار ضمن المراتب من 101 الى 200 لأفضل الجامعات في العالم    يوم عرفة .. فضائله وأعماله    الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه في أريانة    وزارة الخارجية تعلن الغاء تأشيرة الدخول الي تونس لحاملي جوزارات السفر العراقية والايرانية    جلسة عمل على هامش منتدى الاستثمار تبحث سبل تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في مجال الأدوية    الليلة.. الحرارة تصل إلى 29 درجة    تونس : عقود عمل وهمية للسفر نحو دول أجنبية    الرابطة الأولى.. نتائج مباريات الجولة الاخيرة "بلاي آوت" والترتيب    قرارات المكتب الجامعي البنزرتي مدرّبا للمنتخب الوطني وبن يونس مساعدا له    المصادقة على الدراسات الأولية لمشروع إعادة تهيئة المسبح الأولمبي بالمنزه    انس جابر تتأهل الى ربع نهائي بطولة نوتنغهام للتنس    أشغال قمة مجموعة السبع : تبون يلتقي رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني    خطير/ مكملات غذائية وأقراص منشّطة مجهولة المصدر تُباع داخل قاعات الرياضة!!    تسليم مفاتيح 178 مسكنا اجتماعيا بهذه الجهة    قضية '' مفقودي جرجيس'' : أحكاما بالسجن تتراوح بين 4 و10 سنوات مع النفاذ العاجل    ميلوني في قمة السّبع: "إفريقيا قارة أسيء فهمها وتم استغلالها طويلا"    الحجاج يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    وزيرة التربية…هذا ما ينتظر المتلبسين بالغش في امتحان الباكلوريا    عيد الاضحى : هؤلاء ممنوعون من أكل اللحوم    وكالة النهوض بالصناعة : تطور ب31،8 بالمئة في الإستثمارات الأجنبية المباشرة    قطاع الصناعة يوفر 530 ألف موطن شغل ..التفاصيل    يوم التروية.. حجاج بيت الله يتوافدون على مشعر منى    الجزائر: مُسنّة تسعينية تجتاز البكالوريا    تصل إلى 72 درجة.. الصحة السعودية تحذر الحجاج من خطر ارتفاع حرارة الأسطح بالمشاعر المقدسة    تكليف ربيعة بالفقيرة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    كرة اليد.. لؤي مخلوف يطلق النار على مسؤولي النجم ويوجه لهم اتهامات خطيرة    165 حرفيا ومهندسا داوموا على مدى 10 أشهر لحياكة وتطريز كسوة الكعبة المشرفة    مفتي الجمهورية: "هكذا تنقسم الاضحية في العيد"    «غفلة ألوان» إصدار قصصي لمنجية حيزي    شيرين تصدم متابعيها بقصة حبّ جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي قانوني..بقلم إبراهيم البَرتاجي أستاذ تعليم عال في القانون العامّ..عدم إرساء المحكمة الدّستورية : تقصير جماعيّ

ينصّ دستور 27 جانفي 2014 في فصله 148 على أنّه يتمّ إرساء المحكمة الدّستورية في أجل أقصاه سنة من تاريخ الانتخابات التّشريعية. وها قد مرّت خمس سنوات على تلك الانتخابات والمحكمة لم تر النّور بعد.
وتجاه هذا التّأخير، نرى البعض يلقي باللّوم على مجلس نوّاب الشّعب الّذي لم يتمكّن سوى من انتخاب عضو واحد من جملة أربعة أعضاء هو مطالب باختيارهم ليكونوا ضمن تركيبة المحكمة الدّستورية. وفي المقابل، لا أحد عاتب صاحبي الاختصاص الآخرين المطالبين بتعيين بقية أعضاء المحكمة. وهما رئيس الجمهورية والمجلس الأعلى للقضاء.
ويكمن تفسير ذلك في أنّ الاعتقاد ذهب إلى اعتبار أنّ هنالك تمشّيا زمنيا في تعيين الأعضاء ينطلق من مجلس نوّاب الشّعب. وينتهي في رئاسة الجمهورية. بحيث لا يمكن المرور إلى المرحلة الموالية إلّا بعد استكمال المرحلة الّتي تسبقها. لكنّه اعتقاد يصعب في الحقيقة التّسليم به.
ينصّ الفصل 118 من الدّستور في خصوص تركيبة المحكمة الدّستورية على أنّه « يعيّن كلّ من رئيس الجمهورية، ومجلس نوّاب الشّعب، والمجلس الأعلى للقضاء، أربعة أعضاء «. ولم يتضمّن النّصّ الدّستوري أيّ ترتيب زمنيّ في عملية التّعيين من قبل السّلط المؤهّلة لذلك.
ثمّ جاء القانون الأساسي المؤرّخ في 3 ديسمبر 2015 والمتعلّق بالمحكمة الدّستورية ناصّا في فصله العاشر على أنّه « يتمّ تعيين أعضاء المحكمة الدّستورية تباعا من طرف مجلس نوّاب الشّعب والمجلس الأعلى للقضاء ورئيس الجمهورية. « والملاحظ هنا أنّه، من جهة، ذكر القانون سلط التّعيين حسب ترتيب مخالف لما جاء في الدّستور. و من جهة أخرى، استعمل كلمة « تباعا «. وهي كلمة غير موجودة في النّصّ الدّستوري. وإن كان كلّ هذا لا يعني بالضّرورة أنّه لم يقع احترام الدّستور، فإنّ القول بأنّ القانون أقرّ ترتيبا زمنيا في عملية التّعيين يتطلّب التّوقّف عنده.
أوّل ما يمكن أن يقال في هذا الشّأن إنّه، من النّاحية اللّغوية، لا تعني كلمة « تباعا « في حدّ ذاتها أنّ هنالك تدرّجا زمنيا يجب احترامه. إنّما تعني، ببساطة، أنّ كلّ سلطة مطالبة، من جهتها، بتعيين أربعة أعضاء، وترجمتها respectivement ولا successivement. ولو أراد المشرّع أن يقرّ تدرّجا زمنيا، لعبّر عن ذلك بشكل صريح، كأن يقول : « يتمّ أوّلا تعيين أربعة أعضاء من طرف...ثمّ...». ومثل هذا التّوضيح ضروريّ في ظلّ عدم تعرّض الدّستور لهذه المسألة.
ثمّ إنّ إقرار مثل هذا التّدرّج الزّمني لا معنى له. فما هي الغاية النّبيلة في علاقة بكفاءة الأعضاء وباستقلاليتهم الّتي يسمح هذا التّدرّج ببلوغها ؟ وما معنى أن نسمح لسلطة أن تمنع، بتقصيرها، سلطة أخرى من ممارسة اختصاصها الّذي ضمنه لها الدّستور ؟ ولا مجال هنا، بطبيعة الحال، أن نفكّر في غايات غير نبيلة لا تمتّ بصلة الى الصّالح العامّ، باعتبار أنّ المشرّع منزَّه مبدئيّا عنها.
كما لا نجد في الأعمال التّحضيرية لقانون المحكمة الدّستورية ذكرا لمسألة تدخّل سلط التّعيين الواحدة تلو الأخرى حسب ترتيب زمنيّ ( انظر مداولات مجلس نوّاب الشّعب، خاصّة جلسة 19 نوفمبر 2015، ص 292-293 ). فلا مناص إذن من الاحتكام إلى مجلّة الالتزامات والعقود الّتي جاء في فصلها 532 ما يلي : « نصّ القانون لا يحتمل إلّا المعنى الّذي تقتضيه عبارته بحسب وضع اللّغة وعرف الاستعمال ومراد واضع القانون «. وهو ما يؤدّي إلى استبعاد فكرة التّرتيب الزّمني عند تطبيق الفصل 10 من قانون المحكمة الدّستورية.
بل على العكس من ذلك، يقتضي التّطبيق السّليم للدّستور وللقانون أن تسارع كلّ سلطة، من جهتها، في ممارسة اختصاصها. فيتمّ التّسابق في الممارسة وإعطاء المثل الحسن، لا في الرّكون إلى الانتظار وإلقاء اللّوم على الغير. وبعد تعثّر مجلس نوّاب الشّعب في انتخاب الثّلاثة أعضاء المتبقّين، لو أقدم كلّ من رئيس الجمهورية والمجلس الأعلى للقضاء على ممارسة اختصاص التّعيين الموكل اليهما، لأمكن ربّما للمحكمة الشّروع في العمل بتسعة أعضاء، في انتظار استكمال التّركيبة.
ثمّ من أين جاءت فكرة الفصل الصّارم بين سلط التّعيين الثّلاث. بحيث تمارس كلّ منها اختصاصها بمعزل عن غيرها. وكأنّ الأمر يتعلّق بسلط تنتمي إلى دول مختلفة ؟ هل حقّا يخدم هذا الأسلوب جودة المحكمة وانسجامها ؟ وما فائدة الحرص على الكفاءة والاستقلالية إذا آل الأمر إلى تواجد أعضاء يستحيل التّعايش بينهم ؟
ولعلّه يتمّ اليوم التّفكير في أسلوب للتّنسيق بين مجلس نوّاب الشّعب ورئيس الجمهورية والمجلس الأعلى للقضاء ليختاروا معا التّركيبة المثلى الّتي تضمن للمحكمة الدّستورية الرّفعة الّتي أرادها لها الدّستور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.