توجه أحد المواطنين الى أعوان الامن مخبرا بأن جارتهم تعتدي يوميا على والدتها البالغة من العمر أكثر من الثمانين سنة، وبالفعل وبعد أن تبينت صحة الوقائع تم القاء القبض عليها وإحالتها على القضاء. المتهمة تسكن رفقة والدتها الطاعنة في السن وقد شعرت بأنها عرضة للتعب جراء خدمتها لامرأة طاعنة تتحرك بصعوبة، وأمام طمعها بأن تكون يوما ما المالك الوحيد للمنزل قررت التسريع بهذا الامر بأن يخلو لها المكان، لعلها تجد رجلا تغريه بامتلاكها منزلا بمفردها. وهكذا قررت ايجاد طريقة لطرد والدتها، فلم تجد غير تعنيفها كل يوم بل وصل بها الامر الى حد تجويعها وحرمانها من الغذاء والتنظيف والاهتمام بها، ثم اقترحت عليها أن تنقلها الى مركز لايواء العجز، فرفضت الأم مغادرة منزلها الذي كابدت من أجله والحامل لكل أحلامها وتفاصيل ذكرياتها. ولم تجد هذه المأساة حلا لها إلا بتطوع أحد الجيران لاخبار أعوان الامن بالموضوع. وبالتحري مع الابنة المتهمة، اعترفت بكل ما نسب اليها مرجعة ذلك الى رغبتها في البقاء بالمنزل بمفردها ونقل والدتها الى مأوى للعجز، وقد أحيلت إثر ذلك وهي في حالة إيقاف على ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس ثم على انظار احدى الدوائر الجناحية بنفس المحكمة لمقاضاتها من أجل ما قامت به. وبمثولها مؤخرا امام المحكمة تعهدت بأن لا تكرر صنيعها وأن تعامل والدتها بحسب ما تقتضيه الاخلاق وما يفرضه القانون، وكانت المفاجأة كبيرة بالنسبة الى المتهمة عندما حضرت والدتها متكئة على احد جيرانها وهي تحمل ورقة كتب عليها «إسقاط دعوى» وطلبت من هيئة المحكمة العفو عن ابنتها الوحيدة. وبعد ان تعهدت المتهمة بعدم التعرض ثانية، لأمها قررت المحكمة التصريح بالحكم إثر الجلسة.