لا نأتي بالجديد حين نقول أن الوضع الحالي معقد و مأزوم و مفتوح على احتمالات أقل ما يقال عنها أنها سيئة. ولا نضيف شيئا حين نشير إلى أن قيس سعيد لا يتحمل المسؤولية بمفرده لأنه ورث جملة من الاخطاء ولكنه عوض أن يشرع في إصلاح أهمها عمقها نتيجة تمسكه بان ينفرد بالراي ورفضه الاستماع للخبراء الحقيقيين. ولا شك أن الوضع الدولي زاد الطين بلة ولكنه أكد ايضا ان الدولة التونسية لا تحسن التعامل مع المستجدات ولا تستطيع تحويل الأزمات الى فرص. انقضى " تيكاد 8" دون أن يعقبه انفتاح كبير على اليابان وعلى آسيا عموما التي تقدم دولها نموذجا متميزا في الجمع بين المجاعة الاقتصادية والتحديث السياسي. وتجد كوريا الجنوبية نفسها عرضة لاستفزازات نظام بيونغ يانغ دون أن تفكر تونس في التعبير عن موقف مساند لسيول التي لم تتخلف لحظة عن الوقوف الى جانب تونس وقد تجلى ذلك خاصة في ازمة وباء الكوفيد. هناك التزام أخلاقي يفرض المعاملة بالمثل ويدعو لاعتماد ديبلوماسية اليد المفتوحة التي تمكن تونس من شركاء حقيقيين ودائمين لا تحركهم أطماع الهيمنة. والحديث عن ديبلوماسية اليد المفتوحة يدفع للاشارة إلى انه لا يمكن لتونس ان تتبنى بأي حال من الأحوال سياسة الانغلاق الاقتصادي والديبلوماسي. موقع تونس وايضا التزاماتها التي امضت عليها من خلال معاهدات دولية يفرضان عليها ان تتبنى الانفتاح الذي يخدم مصالح الشعب التونسي. وفي هذا السياق من الضروري التنبيه الى ان الترشيد العشوائي للتوريد لا يمكن الا ان يعطي مفعولا عكسيا لأنه سيغذي الاقتصاد الموازي ويؤدي إلى بطالة وإغلاق مؤسسات تعمل في إطار القانون وسيجعل تونس تبدو كدولة لا تفي بتعهداتها المحمولة عليها بحكم انخراطها في المنظومة العالمية للتجارة الدولية. هناك إجراءات اهم لا بد من اتخاذها لتنشيط الاستثمار والتصدير لأنهما من أهم محركات النمو والمدخل الحقيقي للحد من التضخم الذي لا يمكن للترفيع المتواصل لنسبة الفائدة المديرية ان يحد منه بل هو اجراء يغذي التضخم حين لا يرافقه نمو اقتصادي حقيقي.
