رغم نجاحه في إخضاع آسيا كلها وتدمير عواصمها والقضاء على الخلافة فإن هولاكو لم يكن مطمئنا إلى سيطرته التامة على ما أخضعه. كان إخوته يتصارعون حول التركة الضخمة التي تكونت من الغزوات فقر العودة إلى عاصمة المغول، كما أن ابن عمه «بركه خان» قد أسلم ووقف على الفظاعات التي يقرفها المغول فجعل يجمع الناس لحربهم. والغريب أن أغلب من سيبقى من المغول بعد ذلك في بلاد المسلمين سوف يدخل الإسلام. عاد هولاكو إذن إلى بلاده ليعوضه قائده «كيتو بوغا» على رأس 10 آلاف مقاتل في إنهاء احتلال الشام ومصر. كان المغول قد أرسلوا عدة رسائل تهديد إلى ملك مصر المملوكي «قطز» الذي كان يتابع تقدمهم بانتباه شديد. غير أن التحالف بين المغول والصليبيين شهد تراجعا كبيرا لما أدرك الصليبيون فظاعة المغول وعدم احترامهم للأديان. جمع المصريون جموعهم ووقف فيهم الملك قطز صادقا يحثهم على الجهاد فخرجوا عبر الساحل السوري لا يقف في طريقهم شيء من سرايا المغول الصغيرة حتى كانت واقعة عين جالوت التي أرادها الله بداية لنهاية جبروت المغول. والحقيقة أن الصليبيين قد تفطنوا إلى خطإ تحالفهم مع المغول فقرروا التوقف عن حرب المسلمين وتركهم يواجهون المغول أملا في القضاء عليهم. واختار المسلمون يوم الجمعة المبارك من 15 رمضان عام 658 هجري الموافق ليوم 3 سبتمبر 1260 ميلادي لمواجهة المغول باسم الإسلام والجهاد فكان أن نصرهم الله على عدوهم. أسفرت المعركة عن هزيمة شنيعة للمغول وأسر قائدهم «كيتو بوغا» ثم قتله الملك قطز. كما أسفرت عن إنهيار بقية قوات المغول التي كانت تحكم المدن الإسلامية المجاورة مثل انهيار قصور الرمل أمام الماء، استعاد المسلمون فجأة وبعد أعوام الرعب قدرتهم التاريخية على القتال والدفاع عن الدين والشرف فخرج الناس من المدن والقرى لمساندة الجيش المصري في طريقه نحو الشمال والشرق حيث استمرت الإنتصارات. ولما سمع هولاكو بهزيمة جيوشه حاول استعادة السيطرة على أرض المسلمين لكن دون جدوى إذ ظهرت لدى المسلمين عزيمة كانوا فقدوها فلم تقم للمغول قائمة بعد ذلك إلا بالإسلام لما بدأوا ينظرون أخيرا لهذا الدين ويدخلون فيه أفواجا ليصبحوا به من ملوك الأرض لكن بعد أن تخلصوا من فظاعاتهم، وتلك الأرض لله يورثها من يشاء من عباده.