البعض يلوم الدول الغربية على اصطفافها مع الصهاينة على غرار الدعم الأمريكي والفرنسي والبريطاني الاعمى للإجرام الإسرائيلي في قطاع غزة ، لكن بالتمحيص والتدقيق في حقيقة المواقف نلاحظ ان بعض الأنظمة العربية والاسلامية متواطئة بشكل مباشر او غير مباشر مع الفظائع الصهيونية والابادة الجماعية ضد المدنيين والأطفال في غزة. فالقمة العربية الإسلامية مثلا كشفت المستور وعرّت طبيعة بعض المواقف الداعمة للصهاينة وهو ما دفع الإعلام العبري الى كشف النقاب عن وجود خمسة دول عربية تصدّت لأي قرار ضد الكيان الصهيوني ، وهي فضيحة مدوية تبيّن ان غزة تتعرّض الى طعنة عربية قبل الوصول الى الحديث عن طعنة امريكية وغربية. كل هذا يضاف اليه تصاعد المضايقات الامنية في بعض الدول العربية ضد التحركات الشعبية الرافضة للعدوان الصهيوني والمساندة للشعب الفلسطيني، حيث كثر الحديث عن تنفيذ بعض الأنظمة حملات اعتقالات ضد من ينوي التظاهر وهي اجراءات قمعية لا مبرر لها سوى خذلان الشعب الفلسطيني والانتصار للرواية الصهيونية وللإجرام والابادة . التواطؤ العربي لا يتمثل في منع المظاهرات المساندة للفلسطينيين فقط، بل يتعدى الى ما اخطر من ذلك كتواصل اغلاق المعابر ومنع تدفق المساعدات الغذائية والطبية في وقت تشهد فيه غزة كارثة انسانية بسبب خروج المستشفيات عن الخدمة وفقدان المواد الغذائية ، حيث تحوّلت غزة الى مدينة منكوبة غير قادرة على دفن جثث الشهداء التي تكدست داخل المستشفيات وهو ما ينذر بكارثة اخرى وانتشار الاوبئة. هذه الكارثة في غزة تقابلها حالة من اللامبالاة من قبل بعض الانظمة العربية التي عجزت عن إدخال المساعدات اللازمة، كما فشلت في الضغط على الصهاينة لوقف عدوانهم الغاشم وحرب الابادة التي لم تتوقف منذ اربعين يوما، وراح ضحيتها اكثر من اثني عشر الف شهيد نصفهم من الأطفال والنساء. فهل يعقل ان قادة الدول العربية والاسلامية لم يستمعوا الى صرخات الأطفال والنساء في غزة ولم يشاهدوا حجم المجازر والدمار التي ترتكب يوميا ؟ ، ألم يسمعوا تصريحات مديري المستشفيات الذين اكدوا ان كل المستشفيات قد خرجت عن الخدمة وان جثث الشهداء تنهشها الكلاب الضالة والغربان في ساحات المستشفيات ؟ . ألم يشاهد قادة الدول العربية صور الاطفال داخل المستشفيات وهم يموتون الواحد تلو الآخر بسبب انقطاع الكهرباء وفقدان الاكسجين وغياب المواد الغذائية اللازمة ؟. كل هذه المشاهد المأساوية في غزة لم تحرك الي اليوم ساكنا لقادة الأنظمة العربية، على عكس الشعوب التي انخرطت منذ اليوم الاول للطوفان في مساندة المقاومة الفلسطينية وخرجت الى الشوارع وصدحت حناجرهم بالهتافات المساندة للفلسطينيين و المنددة بالإرهاب الصهيوني في غزة . وسيسجّل التاريخ ان هذه المواقف العربية المخزية التي انتصرت للصهاينة وتخلّت عن مقدساتها وقضيتها الاولى ومسجدها الأقصى المبارك، كانت بسب خوفهم على كراسيهم ومكاسبهم حيث تركوا اهل غزة يواجهون الارهاب الصهيوني المدعوم من الغرب لوحدهم. ومقابل هذا الخذلان والهوان العربي ، هناك في غزة قصة بطولية تسطّرها المقاومة ويكتبها اهلها الصامدون الذين خيروا أنفسهم بين الشهادة او الانتصار ،و قرروا عدم الانصياع الى التهديدات الصهيونية وهم بصدد تسطير اقوى الملاحم وتكبيد العدو خسائر فادحة لم يكن يتوقعها أحد رغم الدعم الذي يتلقاه هذا الكيان من الغرب .. والعرب. ناجح بن جدو