تواجه التجارة الدولية، وهي العمود الفقري للنمو الاقتصادي العالمي، اليوم تحديات كبيرة تتفاقم بسبب عواقب تغير المناخ. وقد سلطت الانسدادات الأخيرة في الممرات البحرية الحيوية، مثل قناتي السويسوبنما، الضوء على هشاشة سلاسل التوريد العالمية. يعد البحر الأحمر، الذي تعبره قناة السويس، ممرًا بالغ الأهمية يمر من خلاله ما يقرب من 12% من التجارة العالمية. وقد تعرض هذا الطريق البحري لهجمات من قبل الحوثيين منذ منتصف نوفمبر، مما أدى إلى تعطيل عبور السفن بين آسيا وأوروبا. وتمثل هذه الحوادث الأمنية تحديًا خطيرًا وتثير المخاوف بشأن تأثيرها على التجارة العالمية. بالإضافة إلى ذلك، تشهد قناة بنما، التي تربط المحيط الهادئ بالمحيط الأطلسي، انخفاضا استثنائيا في مستويات المياه، مما يؤدي إلى قيود العبور وزيادة التكاليف اللوجستية. ويؤثر هذا الانخفاض الجذري في القدرة على ما يقرب من 5% من التجارة البحرية العالمية، مما يؤثر بشكل خاص على نقل الوقود والحبوب الأمريكية إلى آسيا. وتؤثر هذه العوائق بشكل مباشر على تكاليف النقل ويمكن أن تؤدي إلى زيادة التضخم. ويرى خبراء أن إعادة توجيه السفن حول رأس الرجاء الصالح لا يضيف تكاليف إضافية فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى إطالة الرحلات. وعلى الرغم من أن أسعار النفط والغاز لم تشهد زيادات كبيرة بعد، إلا أن المستقبل لا يزال غامضا في مواجهة هذه الاضطرابات. وسيعتمد التأثير على التضخم العالمي على ما إذا كانت عمليات الإغلاق هذه ستستمر وظهور اضطرابات أخرى. إن المثال الأخير لانخفاض أسعار الغاز في أوروبا في أعقاب إعادة التوجيه المحتملة للغاز الطبيعي المسال الأمريكي المتجه إلى آسيا يسلط الضوء على تقلب الأسواق والحاجة إلى إدارة جيدة لطرق التجارة. وينشأ تعقيد هذا الوضع أيضًا من تغير المناخ الذي يؤدي إلى أحداث مناخية متطرفة تعطل سلاسل التوريد العالمية. ويتعين على الشركات الآن دمج هذه المخاطر المناخية في إدارتها، مع توقع الفيضانات أو الجفاف أو العواصف التي من المحتمل أن تعرقل إنتاج ونقل البضائع. إن الاستجابة لهذه التحديات مجتمعة المتمثلة في تغير المناخ والانسداد في ممرات الشحن الحيوية تتطلب تفكيرا عميقا وإجراءات مبتكرة لإنشاء نماذج تجارية أكثر استدامة. وسوف يعتمد مستقبل التجارة العالمية على قدرتنا الجماعية على مواجهة هذه التحديات، والتوفيق بين الرخاء الاقتصادي والحفاظ على البيئة. الأخبار