لا تقع تونس في محيط الدول المتأثرة بالحرب البحرية على السفن عبر مضيق باب المندب، وهو ما يجعلها مستبعدة من مرمى التداعيات الناجمة عن تأثير زيادة كلفة الشحن على السلع القادمة إلى أسواقها من دول الاتحاد الأوروبي وآسيا. وكان مراقبون اقتصاديون قد تحدثوا مؤخرا على تداعيات تغيير المسارات البحرية للسلع وارتفاع كلفة الشحن والتأمين البحري على جهود مكافحة التضخم في عدة بلدان في العالم، بعد نحو عامين من سياسات نقدية مشددة اعتمدتها بنوك مركزية لمجابهة موجات كبرى من ارتفاع الأسعار في أصقاع عديدة من العالم. واتخذ التضخم في تونس منحى تنازليا عام 2023، حيث انخفضت نسبته في أواخر السنة الفارطة الى 8.1 بالمائة وهي مرشحة لمزيد التقلص هذا العام في سياق تراجع موجة الجفاف وتكثيف عمليات مراقبة مسالك توزيع السلع الأساسية وتبنّي البنك المركزي التونسي تمش مرن فيما يتعلق بأسعار الفائدة دعمه استقرار سعر صرف الدينار وتحسن مستوى احتياطي النقد الأجنبي تبعا للتحسن الملموس لمؤشرات القطاع الخارجي. ومنذ ديسمبر من عام 2022 أبقى البنك المركزي التونسي سعر الفائدة في مستويات مستقرة عند نسبة 8 بالمائة. في المقابل، يبدو حسب، بعض التقديرات، ان عددا من دول العالم، لا تعتبر تونس ضمنها، قد تكون في مواجهة تضخم جديد ستظهر آثاره خلال الربع الأول من العام الحالي، مع تطبيق شركات الشحن العالمية تعريفات جديدة على السلع. ويرجع ذلك لكون تونس بعيدة جغرافياً عن التأثيرات المباشرة على الصراع على المسارات البحرية، كما أنها ليست مشمولة بالموجات الارتدادية لارتفاع نسب التضخم عالميا لعدة اعتبارات هيكلية تتعلق بخصوصيات المبادلات التجارية وبتوازنات القطاع الخارجي والاستثمارات الدولية. وللإشارة، فان أكثر من 60 بالمائة من المعاملات التجارية الخارجية لتونس تسيّر عبر موانئ جنوب المتوسط في كل من مرسيليا وجنوة، وهو ما يجعلها بمنأى عن تداعيات زيادة كلفة تغيير المسارات البحرية للسفن التجارية، مع الاخذ بعين الاعتبار كذلك للزيادة المتوقعة على التأمينات التي تطبّقها الشركات. في جانب اخر، فإن نحو 40 بالمائة من السلع القادمة إلى تونس تأتي من اسيا، سوف لن تتأثر بتغيير المسارات في أغلب الحالات بحكم طبيعة الشحن ونوعيته، مما يرجح استقرار كلفة الواردات التي تأتي على متن هذه الشحنات خصوصا انها لا تسيّر نحو تونس في رحلات مباشرة، وغالبا ما تصل السلع إلى أسواق البلاد في إطار مسار شحن يشمل دول الجوار، وهو ما من شأنه ألا يؤثر في أعباء التوريد وتداعيات ذلك على الأسعار والتضخم ،عموما، علما ان أهم ما يمر عبر مضيق باب المندب من آسيا إلى أوروبا هو الوقود، حيث يمر النفط والغاز الخليجيان من قناة السويس وباب المندب إلى آسيا وأوروبا، في ظل انتاج المنطقة العربية قرابة 25 بالمائة من النفط العالمي. هذا وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى تراجع التضخم على مستوى العالم عام 2024، حيث يتوقع الصندوق انخفاض التضخم إلى 4.8 بالمائة، بعد أن كان 5.9 بالمائة عام 2023. الأخبار