لا تختلف العربدة الصهيونية في غزة وتسببها في إبادة قرابة 30 ألف شهيد وتدمير القطاع ليصبح غير صالح للحياة ، عن العربدة الأمريكية في المنطقة وتهديدها للاستقرار الإقليمي بعد تنفيذها سلسلة من الهجمات غير الشرعية على بلدان ذات سيادة وتسببها في استشهاد عشرات المدنيين في دول مختلفة ذنبها الوحيد دفاعها عن الحق الفلسطيني ضد الوحشية الصهيونية. ففي الوقت الذي تدّعي فيه إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن أنها تحاول تخفيف التوتر في المنطقة والتوصل الى صفقة أو حل سلمي لإنهاء العدوان على غزة ، تقوم بتصعيد الأوضاع بتنفيذ سلسلة من الهجمات غير الشرعية على أراضي اليمن وسورياوالعراق ، وهي ضربات تفاقم من مخاطر اشتعال المنطقة وتوسيع الصراع وتحويله الى حرب اقليمية ستكون نتائجها وخيمة على كامل المنطقة إن لم تكن على العالم بأسره . ويبدو أن أمريكا هي المسؤولة عن كل ما يحصل من مجازر ومآسي وتصعيد سواء في غزة أو في المنطقة ككل ، لأن الإدارة الأمريكية هي من أعطت الضوء الأخضر للصهاينة لإبادة قطاع غزة وتهجير سكانه بعد إمداده بكل أنواع الدعم العسكري والسياسي والإعلامي وضغطها على المنظمات الدولية لصمّ آذانها عن فظائع غزة وعرقلتها لكل جهود التسوية . فلو كانت أمريكا تريد فعلا الاستقرار في المنطقة وحل هذه الازمة لكانت أقنعت الصهاينة منذ بداية الحرب في أكتوبر الماضي بوقف العدوان والتوصل الى صفقة شاملة لإطلاق سراح الرهائن وفرض حل سياسي جذري لإنهاء هذا النزاع الصهيوني الفلسطيني . لكن إدارة بايدن اختارت العكس و انتهجت طريق التصعيد وصبّت الزيت على النار. وبالعودة الى الملف اليمني والتوتر على مستوى المنافذ البحرية خاصة في البحر الأحمر وباب المندب نكتشف أن أمريكا هي من عرّضت أمن البحر الأحمر والملاحة الدولية إلى الخطر بعد عسكرتها للمضائق وشنها ضربات على أهداف عسكرية يمنية . اليمنيون كانوا واضحين وصريحين منذ البداية وأكدوا أن الملاحة البحرية آمنة وكل ما في الأمر أنهم يتصدون للسفن المتجهة صوب الكيان الصهيوني مشترطة وقف العدوان على غزة لعودة الأمور الى نصابها . ليس بعيدا عن اليمن قامت أمريكا المتواجدة في سوريا بطريقة غير شرعية ودون تفويض من مجلس الأمن بضرب أهداف في دمشق مدّعية أن هجماتها تستهدف مجموعات محسوبة على المقاومة ومقربة من ايران ، وكان الأجدر بأمريكا قبل ذلك أن تراجع سبب تواجدها في سوريا وأن تنفي التهم المنسوبة إليها خاصة الاتهامات المتعلقة بسرقة ثروات سوريا ودعم الجماعات الإرهابية . وفي هذا الإطار فقد فضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ ون بين، دور واشنطن في سوريا بقوله " إن القوات الأمريكية المتواجدة في سوريا تسرق ما يصل إلى 66 ألف برميل يوميا، أي ما يعادل 82 % من إجمالي إنتاج النفط السوري". التصعيد الأمريكي طال أيضا القوات المحسوبة على المقاومة في العراق وهي مجموعات مسلحة وضعت الأهداف الإسرائيلية والأمريكية ضمن بنك أهدافها ومطلبها الأساسي وقف العدوان على غزة . ويؤكد التصعيد العسكري الأمريكي في العراق وجود ازدواجية في المعايير بعد ادعاء واشنطن بأن قصفها الأخير لقوات المقاومة في العراق جاء كردّ انتقامي لمقتل 3 من جنودها في الأردن الأسبوع الماضي في حين تناست أمريكا أنها قتلت أكثر من مليون عراقي خلال غزوها للعراق عام 2003 ، أفلا يحق للعراقيين الانتقام اليوم من مقتل ملايين الشهداء أم أن الانتقام يجوز فقط للأمريكان الذين يمثلون شرطي العالم ويعتمدون على العربدة والقوة العسكرية في تعاملهم مع الدول العربية المغلوبة على أمرها . فمتى تستفيق أمريكا وتعود إلى رشدها قبل أن تقود المنطقة إلى حرب إقليمية واسعة ؟ ناجح بن جدّو