نستقبل شهر الصيام ولنا في غزة أكثر من 30 ألف شهيد وما يفوق ال 60 الف مصاب وما يقارب المليوني نازح ، وشبح المجاعة يطارد 90 بالمائة من أطفال غزة الأبرياء .. نستقبل شهر القيام وغزة تعيش على أكثر حرب دموية سجلها القرن ، وربع السكان استنفدوا مخزونهم الغذائي وباتوا ضحايا التجويع والعطش ..الترويع والتهجير ..الأمراض والإعاقات .. نستقبل " أياما معدودات " لنعد عدد الموتى والشهداء ، الجرحى والمصابين ، العطشى والجياع والمشردين ..لا خبز ولا دواء ولا ماء ولا كهرباء هناك في غزة الأبية ، بل هنا في هذه القطعة من الأرض العزيزة التي بيننا وفي قلوبنا.. نستقبل شهرا "خيرا من ألف شهر" وغزة ليست بخير ، فغزة يا سادتي تعاني من قهر الصهاينة وجور بعض الحكام العرب الذين يتقبلون اليوم تهاني شهر الصيام وهم عن قول الحق صائمون ، عن نصرة أبناء جلدتهم نائمون .. نستقبل "شهر القرآن" ، وبعض حكامنا " اتخذوا هذا القرآن مهجورا " وبعض " الرعية " يسارعون إلى سنة "التراويح" بلا وضوء ولا فريضة العشاء ، بعد إفطار بعضه خبيث حرام اختلط بالغش والمضاربة والاحتكار .. صائمون نهارا ، لا حظ لهم فيه إلا الجوع والعطش وقد جوعوا أبناء وطنهم وتفننوا في الغش والاحتكار وظلم الفقير واليتيم والثكلى ..البيع زورا والقول زورا في خير "أمة أخرجت للناس".. اليوم سادتي يصعد ركح الصيام لصوص يتفنّنون في أداء مشاهد الغش وينجحون في اقناع مستهلك اقتناء الفاسد من سلعهم التي ينقصها الميزان ..اليوم تتفتق مواهب المطففين " الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ". اليوم سادتي تمتلئ فضاءات الأسواق بالمكر وقول الزور، وتزدحم المناكب أمام المتاجر بحثا عن السكر والفارينة والأرز..وتعج أروقة الإدارة ب "أرجع غدوة " أو قل "أرجع بعد رمضان " .. اليوم "يستأسد" الرجال في البيوت وتتفتق مواهب الشهوة و"حشيشة رمضان" ..وتفيض المقاهي بالقمار والقنوات التلفزية باللحم الرخيص وقهقهات أشباه مبدعين ومبدعات يضحكون لوحدهم على تفاهاتهم وينامون على رداءة أعمالهم .. هذا هو شهر الصيام عند أكثرهم الذين " لا يعلمون " أنه شهر الرحمة والتضامن وليلة القدر والقرآن ، شهر "تنزل الملائكة والروح فيها" لتكون سكنا على الفقراء والمظلومين والجياع والمشردين والمقهورين هنا أو هناك في غزة أوفي كل شبر من هذه الأمة التي كانت خير أمة أخرجت للناس ما التزمت بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي استفحل وامتد .. هنيئا لمن صاموه بنية وقاموه بخشوع ، هنيئا لمن عمروا المساجد وتركوا قول الزور ، وقاموا بواجبهم المهني دون تكاسل وماخدعوا الناس والأمة والوطن ، واستحضروا شهر الصيام في غير وطنهم ، في غزة أرض البواسل الشجعان. راشد شعور