إن آخر ما يتبادر إلى الذهن تحليل ما يجري في الجامعات الأمريكية. أولا لأن الصورة أوضح وضوح الإبادة في عيون الإنسانية الحقة فوق كل أرض وتحت أي سماء. وثانيا لأن تاريخ الحركة الطلابية الأمريكية حافل بالتأثيرات النوعية العظيمة مثلها مثل الحركة العمالية الأمريكية. وما الانفوغراف المرافق لهذا النص سوى بسطة جيدة تؤكد ذلك. ولذلك نميل إلى قول كلمتين عن غزة وفلسطين عموما: * لقد ضربت غزة امبراطورية التوحش العالمي في قلب مركزها وهذا لوحده كاف لاعفاء الشعوب من آثام نظام الحكم الصهيوعالمي المعولم. * لقد أثبتت غزة انها آخر ما تبقى من طبيعي في هذا العالم. ومن الطبيعي جدا أن تفعل ما فعلت. * "غزة ليست ميعاد البطولات ولا وعد المقاومين ولا رجاء المتعبّدين ولا فرصة الخلاص ولا قوة القدَر ولا إبتلاء الصابرين ولا المصيبة التي حلّت بالأبرياء ولا عزاء المهزومين في أوطانهم ولا حلم اللاّجئين والأسرى والمفصولين ومن هم في الشتات. هي بعض هذا ولكن، إختبار المصير. تحديد لوجه البشر على وجه البشر ووجه الأرض وفي وجه السماء. سؤال الكون نفسه: من وماهي غزة؟". وهذا نص نشرناه في الحوار المتمدن في شهر جويلية من سنة 2014 تحت عنوان" رواية الفجر. من وماهي غزة؟ ". * ليس السؤال إذن سؤال مقارنة بين هناك وهنا وإنما ما الذي سوف تفعله غزة هنا؟ * بإمكانها أن تفعل فعلا كبيرا في الإصلاح التربوي والتعليمي وأن تفعل ما يجب أن تفعل في الديبلوماسية والعلاقات الخارجية وفي الفقه السياسي وفي فلسفة الإنسان وفي اللغة وعلم اللغة السياسي وفي الفن وفي القانون. * وأن تفرض على الشرفاء مثلا تدريس الدراسات الفلسطينية في كل الاختصاصات الجامعية جميعا وفي كل المستويات، فهي عنوان حضاري كبير لعالم المستقبل. ومن لا يتربى عليه سينتمي قطعا إلى عالم الوحوش الذي نراه أمام أعيننا. وانها الممر الإجباري نحو إنسان المستقبل.