نشر المعهد العربي لرؤساء المؤسسات قراءة قراءة في ارتفاع أسعار المعادن جاء فيها: شهدت أسعار المعادن، خاصة الذهب، ارتفاعًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، خاصة باندلاع الصراع في الشرق الأوسط في أكتوبر 2023، حيث ارتفع سعر الذهب ليتجاوز ال 2400 دولار للأونصة (أوقية) خلال شهر أفريل 2024، بعد أن كان 1800 دولار للأونصة قبل بداية الصراع، بزيادة تقدر بحوالي 33%. هذا الارتفاع في الاسعار يعود إلى عدة عوامل، أهمها الصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، والتوترات في البحر الأحمر التي أثرت على حركة التجارة العالمية، وصولا إلى استمرار الصراع الروسي الأوكراني. بالإضافة إلى حفاظ مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الأول من ماي 2024، على نفس سعر الفائدة دون تغيير بين 5.25 و5.5%، وهذا الاستقرار يجعل الأصول ذات العائد مثل الذهب والفضة أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن أصول الملاذ الآمن. الذهب والفضة: الملاذات الآمنة تاريخياً، يُعتبر الذهب والفضة وسيلة للتحوط ضد التضخم ومصدر اَمن للادخار، نظراً لميلهما للارتفاع خلال فترة الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية. منذ بداية العام الحالي، شهد سعر الذهب ارتفاعًا بحوالي 14.5%، وذلك في ظل زيادة التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، حيث وصل سعر الذهب إلى 2336 دولار (حوالي 7340 دينار) للأونصة في 29 أفريل 2024، بعد أن كان قرابة ال 2040 دولار (قرابة ال 6418 دينار) للأونصة في بداية العام. أثر ارتفاع الطلب على الذهب أيضا على زيادة أسعاره، حيث حافظت البنوك المركزية حول العالم على مشترياتها من الذهب مقارنة بالعام الماضي، وفقًا لمجلس الذهب العالمي، وذلك لمواجهة التضخم المرتفع خلال العامين الماضيين. بحسب مجلس الذهب العالمي، بلغ صافي احتياطيات الذهب لدى البنوك المركزية خلال الثُلاثي الأول من سنة 2024 قرابة ال 36 ألف طن. يتوقع الاقتصاديون والمحللون أن تتجاوز أسعار الذهب حاجز ال 2500 دولار للأونصة في الفترة القادمة في حال استمرار الطلب وعدم انحسار المخاطر الجيوسياسية. هذه التوترات انعكست أيضا على أسعار الفضة، فقد وصل سعر الفضة حوالي 27.24 دولار (قرابة ال 85.62 دينار) للأونصة، بعد أن كان 23.20 دولار (قرابة ال 72.93 دينار) في بداية العام. النحاس: مقياس للصحة الاقتصادية على عكس الذهب والفضة، ترتبط ديناميكيات أسعار النحاس بشكل وثيق بالطلب الصناعي والظروف الاقتصادية، حيث أرتفع سعر النحاس من 3.802 دولار للرطل في بداية سنة 2024 ليصل إلى حوالي 4.676 دولار يوم 29 أفريل 2024. ويعود هذا الارتفاع في الأسعار إلى عدة عوامل أهمها: o ارتفاع نشاط التصنيع في جميع أنحاء العالم، مما ينتج عنه زيادة في الطلب، o فرض عقوبات جديدة على صادرات المعادن الروسية، o تراجع إنتاج المناجم العالمية، لا سيما في تشيلي، التي تُعتبر أكبر منتج للنحاس في العالم، حيث بلغ إنتاجها حوالي 5 مليون طن سنة 2023، مقارنة ب 5.2 مليون طن سنة 2022، والذي يُمثل حوالي 24% من إجمالي الإنتاج العالمي. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الصين باعتبارها أكبر موردي النحاس على أسعار السوق، حيث استوردت سنة 2022 بقيمة 50 مليار دولار نحاس، حوالي 31% منها جاء من تشيلي. لتراجع إنتاج النحاس وارتفاع أسعاره تأثيرات عده على الاقتصادات العالمية والعربية، وذلك لاستخدامهُ على نطاق واسع في توليد الطاقة ونقلها، وكابلات وألواح الطاقة الشمسية، وتوربينات الرياح، ومعدات الكهرباء والمصانع، والإلكترونيات، والبناء. من المتوقع أن يتأثر الاقتصاد التونسي مثل بقيه اقتصادات المنطقة بهذا الارتفاع في الأسعار، خاصة في المواد المستوردة والتي تعتمد على النحاس كمادة خام أو كجزء من تركيبتها مثل، الأسلاك الكهربائية والكابلات، والمكونات الإلكترونية، وصناعة الأدوات ومعدات البناء، بما في ذلك الأنابيب والأدوات الصحية. هذا بدوره يدفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب والفضة، بينما يمكن أن يشكل عدم استقرار أسعار النحاس تحديًا كبيرًا أمام الاقتصادات العالمية والعربية، نظرًا لاستخدامه على نطاق واسع في العديد من الصناعات وتأثيره على نسب الفائدة والتضخم. الأخبار