قضت احدى الدوائر الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس بالسجن على عدد من الشبان قارب الخمسة عشرة في أحكام تراوحت بين 6 و15 سنة من أجل ارتكابهم جريمة تزوير وترويج عملة تونسية، وقد جدّت وقائع القضية في بنقردان بالجنوب التونسي، فيما تمّ تحويلها للتقاضي أمام محكمة الدرجة الأولى بالعاصمة إزاء خطورة الجريمة المرتكبة. المجموعة كوّنت شبكة لتزوير وتداول وترويج الأوراق التونسية من فئة ثلاثين دينارا، وتتمثل وائع القضية في تعمّد المتهم الرئيسي الارتباط بأشخاص في تونس العاصمة أين يتزوّد منهم بكميات من الأوراق النقدية التونسية المزيّفة ثم يقوم بنقلها الى مدن بالجنوب التونسي مل تطاوين وبنردان وهناك يقوم بالاتصال ببعض أصدقائه الذين يسلّمهم مبالغ تتراوح بين ال 900 دينار و1500 دينار تونس في أوراق من فئة ثلاثين دينارا. ويقوم هؤلاء الشبان بالوساطة بين المتهم الرئيسي وبعض المتاجرين في مثل هذه الأنواع من الأوراق النقدية حيث يتعمّدون توزيعها الى مبالغ متفاوتة يتمّ ادماج مبالغ حقيقية غير مزوّرة في بعض الأحيان بها من أجل التمويه. ويقوم بعض الشبان بدورهم في ترويج هذه الأوراق، إذ يتوجّهون الى السوق المغاربية بإحدى مدن الجنوب حيث يشترون بعض الأشياء ويسدّدون ثمنها بالأوراق المزيفة، فيما يسعى البعض الآخر الى تحويلها بالعملة الليبية ثم القيام بتبديل هذه العملة الليبية في مرحلة ثانية بأخرى تونسي غير مزيّفة. كما يعمد بعضهم للسفر الى ليبيا لترويج هذه الأوراق هناك والعودة الى تونس بأموال سليمة. كما اشترى أحد المتهمين في قضية الحال قطيعا من الأغنام من عند فلاح صغير في أقصى الصحراء التونسية وسدّد له مبلغ هذا القطيع بأوراق نقدية مزيّفة. عملية الافتضاح والسقوط جرت يوم القاء القبض على عدد منهم في أحد الأسواق التي تباع فيها بضائع ليبية وأخرى مستوردة حيث تسوّق ثلاثة من أفراد هذه الشبكة، اذ اشتروا كمية هامة من الملابس الرياضية من عند بعض التجار داخل هذا السوق وكانوا يجمّعون ما يقومون بشرائه في حقائب ويسدّدون الثمن بالأوراق النقدية المزيّفة من فئة ثلاثين دينارا. وقد تمكنوا بالفعل من ايهام بعض التجار بأنهم وسطاء في بيع هذا الصنف من الملابس وهو ما جعل الحيلة تنطلي على عدد منهم، الا أن أحد التجار اشتبه في أمر بعض الأوراق التي سدّدت له فقام بمقارنتها ببعض الأوراق السليمة فتبيّن له الفرق. وكان هذا التاجر على علم مسبق بأن هناك بعض الشبان من أصيلي الجهة يتعمّدون ترويج أوراق نقدية مزيّفة، وعندما تأكد هذا التاجر من فساد الأموال المقدّمة اليه لقاء البضائع التي باعها لأحدهم. أمسك به وأطلق عقيرته للصياح فالتفّ حوله باقي زملائه ليعلمهم بالأمر، عندها أخذ كل تاجر أمواله للتأكد منها. وقد تمّ اعلام أعوان الأمن بالجهة الذين حلّوا على عين المكان، وألقوا القبض على شابين من الشبكة، وبجلبهما الى مركز الأمن الوطني، وبالتحرير عليهما اعترفا بفساد الأوراق النقدية التي تعاملا بها مع أشخاص آخرين. كما اعترفوا بأنهم يعلمون مسبقا بفسادها وأنهم عمدوا الى تضليل عدد من التجار والمواطنين وبمزيد التحرير عليهم، اعترفوا بهويات باقي أفراد المجموعة. وقد تمّ اعلام النيابة العمومية التي أذنت بفتح تحقيق في تفاصيل الجريمة ووقائعها فيما أصدرت بطاقة جلب ضد باقي عناصر الشبكة. وبمزيد من التفتيشات والأبحاث تمكن أعوان الأمن من القاء القبض على جل أفراد المجموعة فيما ظل أربعة في حالة فرار. وبالتحرير عليهم، اعترفوا بما نسب اليهم وصرّح كل فرد بدوره في الجريمة. ثم قرّرت النيابة العمومية احالة ملف القضية على أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة لخطورة الجريمة المرتكبة. وبمثولهم أمام قلم التحقيق، أنكر بعض المتهمين ما نسب اليهم مؤكدين على سلبية دورهم فيما اعترف البعض الآخر بكل أطوار ووقائع الجريمة. وتمسك أحد المتهمين ببراءته مصرّحا بأنه لم يكن بالبلاد التونسية وإنما كان في زيارة لأصدقاء له ببلاد مجاورة. وبعد الانتهاء من بحث المتهمين والتحرير عليهم أصدرت النيابة العمومية بطاقات ايداع بالسجن ضدّهم وإحالة ملف القضيّة الى دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس التي وجّهت للمتهمين بعد تلخيص الوقائع وقرار ختم الأبحاث، تهم تزييف وترويج وتداول وعرض عملة تونسية، وقرّرت احالتهم حسب ذلك على احدى الدوائر الجنائية المختصة بالمحكمة الابتدائية بتونس لمقاضاتهم من أجل ما نسب اليهم. وبمثولهم أمام المحكمة خلال الأيام الماضية وباستنطاقهم اعترف كل منهم بما قام به مصرّحا بدوره في وقائع الجريمة، وأكد البعض منهم أن ما دفعهم لتداول هذه الأوراق النقدية المزيفة هي الحاجة وقلّة الحال وأن ظروفهم المادية والاجتماعية الصعبة هي التي دفعتهم الى ذلك، كما صرّحوا بأنهم لم يكونوا واعين بخطورة الجريمة، فيما اعترف المتهم الرئيسي بأنه كان على صلة بأفراد في تونس العاصمة ظلّوا في حالة فرار هم الذين يقومون بتزويده بالأوراق النقدية المزيفة فيما يتولّى هو نقلها الى بعض المدن بالجنوب التونسي مثل مدنين وبنردان وأنه يقوم بتسليمها لاحقا لبعض الشبان الذين يتولّون هم أيضا تصريفها وتبديلها بالعملة الليبية، أو يتعمدون شراء بضائع ثم يبيعونها لاحقا. وبعد أن استمعت هيئة المحكمة لممثل النيابة العمومية الذي طلب المحاكمة وتطبيق فصول الاحالة، فيما طلب الدفاع بالتخفيف في الأحكام قدر الامكان القانوني خاصة وأن المتهمين المحالين في حالة ايقاف اعترفوا بما نسب اليهم وبأدوارهم في وقائع القضية، فيما طلب محامي أحد المتهمين وهو المتهم المتمسك ببراءته بالحكم في شأنه بعدم سماع الدعوى، هيئة المحكمة، بعد أن أنهت كافة الاجراءات القانونية قرّرت حجز القضيّة للمفاوضة والتصريح بالحكم، لتقرّ اثر ذلك بإدانة المتهمين والقضاء في شأنهم بأحكام بالسجن تتراوح بين الستة أعوام والخمسة عشرة سنة.